القسطنطينية فأقاموا هناك ثمانية أشهر حتّى هيؤوا لهم سفنا فركبوا فيها فقاتلهم أهل المدينة في البحر ثلاثة أيام حتّى وصلوا إلى الجزيرة التّي فيها القسطنطينية، فأقام مسلمة بتلك الجزيرة وبعث إلى أهل عمله من بلاد الرّوم الّتي افتتحها في طريقه وأمرهم أن يبنوا له مدينة فرسخين في فرسخين، فأقاموا فيها، وصارت بلاد الروم كلّها في يد مسلمة ما بين الشام إلى جزيرة القسطنطينية، وجيء إليه بالخراج، وأقاموا يحاصرونها سبع سنين، وسمّى المدينة الّتي بناها مدينة القهر لأنه قهرهم عليها، وهي مدينة الغلطة، ولقد / غرسوا فيها من (?) أنواع الفواكه فأثمرت، وأقاموا إقامة قوم لا يرجعون إلى بلادهم، وكانوا مع هذا يغزونهم كلّ يوم، وكان أبو محمد البطال معه يقتل من الكفّار ما بين الخمسين إلى المائة حتى قتل منهم في تلك الأيام خلقا كثيرا، فلما اشتدّ الحصار بهم كتب ملك الروم إلى مسلمة يطلب منه الصّلح وأن يعطيه في كلّ سنة عشرة آلاف أوقية فضة (وخمسة آلاف أوقية ذهبا) (?) وخمسة آلاف رمكة، فلم يرض مسلمة بذلك واستمروا واقفين بباب المدينة سبعة أيام لا يفتر أحد منهم ولا يرجعون إلى مدينتهم، وهم يومئذ ستّون ألف مقاتل، فلمّا نظر أليون إلى ذلك قال لمسلمة: ما الّذي تريده؟ قال له مسلمة: عزمت أن لا أرجع حتى أدخل مدينتك، فقال له أليون: أدخل وحدك ولك الأمان، فقال له مسلمة: نعم على أن آمر البطال وأصحابه يقفون على باب القسطنطينية ولا يغلقون الباب، فقال له: لك ذلك، ففتح الباب، ولم يفتح قبل ذلك سبع سنين إلاّ للقتال، فوقف البطّال داخل عتبة الباب ثابتا لا يزول ولا يتحرك، وقال (?) مسلمة: إني داخل، فانتظروني على الباب فإن صلّيتم العصر ولم أخرج فاهجموا بخيلكم على المدينة، واقتلوا من أصبتم والأمير بعدي محمد بن مروان، فركب على فرسه الأشهب، وعليه ثياب بيض وعمامة متقلّد بسيفين وبيده الرّمح، فصفّ له ملك الرّوم عسكره بالخيل يمينا وشمالا من باب أدرنة إلى باب أيا صوفيا وهي كنيستهم العظمى كلّما / مرّ بقوم ساروا خلفه وقد رمقوه بأبصارهم، وهم متعجبون من شجاعته وجرأته وشدته، فلم يزل يتقدم حتى وصل إلى باب الكنيسة (?) وهو راكب على فرسه، فخرج إليه ملك الرّوم أليون، وقبّل يده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015