جيء بها من رومية وبلاد الحبشة، فلما كملت سقط نحو ثلثها ليلة ولادة المصطفى صلّى الله عليه وسلم وذلك من جهة المحراب، وكان الفراغ من بنائها على ما ذكره أصحاب تاريخ الروم لمضي / خمسة آلاف وثمانمائة وثلاثين (?) سنة من هبوط آدم - عليه السّلام - إلى الأرض، وتداولتها ملوك الرّوم إلى مبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم وملكها إذ ذاك قيصر (?) فبعث إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم كتابه الشريف يدعوه إلى الله ودينه القويم مع سيّدنا دحية الكلبي - رضي الله تعالى عنه - فلقيه بحمص وقيصر ماش للقسطنطينية، فلمّا لقيه أعطاه الكتاب ففتحه فإذا فيه: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمّد رسول الله إلى قيصر صاحب الرّوم، السّلام على من إتبع الهدى، أما بعد: {يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} (?) الآية، وفيه آيات من كتاب الله يدعوه إلى الله، ويزهده في ملكه ويرغّبه في الآخرة، ويحذّره بطش الله وبأسه»، فقرأ قيصر الكتاب، وقال: «يا معشر الروم إني لأظن أن هذا هو الّذي بشّر به عيسى بن مريم - عليه السّلام - ولو علمت أنه هو لمضيت إليه وخدمته بنفسي لا يسقط ماء وضوئه إلاّ على يدي»، قالوا: «ما كان الله ليجعل ذلك في الأعراب الأمّيّين ويدعنا ونحن أهل الكتاب»، فطلب من العرب من يسأله عن أحوال النبيء صلّى الله عليه وسلم فأتاه أبو سفيان وأصحابه، فقال: أخبرني يا أبا سفيان عن حال هذا الرجل الذي بعث فيكم، فقال:

أيها الملك لا يكبر عليك شأنه، إنا نقول إنه ساحر ونقول هو شاعر ونقول هو كاهن، قال قيصر /: كذلك والّذي نفسي بيده كان يقال للأنبياء قبله كذلك، فما زال قيصر يسأل وهم يجيبونه حتى قال: ما تزيدونني فيه إلاّ بصيرة، والّذي نفسي بيده ليوشك أن يغلب على ما تحت قدمي، يا معشر الرّوم هلمّ نجيب هذا الرجل إلى ما دعا إليه، ونسأله الشام أن لا يوطأ، فقالوا له: كيف تسأله ملك الّذي تحت رجليك وهو هنا لك لا يملك من ذلك شيئا، فمن أضعف منك؟ فقال: يا معشر الرّوم أليس تعلمون أن بين عيسى وبين السّاعة نبيء بشّركم به عيسى - عليه السّلام - كنتم ترجون أن يجعله الله منكم لا في غيركم وهي رحمة الله يضعها حيث يشاء، فلما رآى ممانعتهم إياه، وخاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015