النساء والأطفال ثم التحق العسكر وحيدر باشا بالقيروان، فأقاموا بها عشرة أيام وتقوّت شوكة النّصارى بتونس، وضاق الأمر على من بالقيروان حتى أراد حيدر باشا الفرار من القيروان، وكان يتردد على الشّيخ الصالح سيدي أحمد الرّنان (?) - رحمه الله - يصبّره ويعده النصر فيقف الباشا عند اشارته، ثم تحرّك حيدر باشا بمن معه من العساكر لتونس فنازلوها، وأقاموا عليها، فعجزوا عن فتحها حتى فرغت أزوادهم لأن الكفار أبقوا بتونس لمقاتلة المسلمين الواردين عليهم ثمانية آلاف مقاتل، فعجز حيدر باشا ومن معه عن الفتح وهموا بالإنصراف عنها، فبينما هم كذلك اذ قدمت العساكر العثمانية في المراكب لتونس (?)، وفتحوها حسبما يأتي - إن شاء الله تعالى -.
وكان بذلك انقراض دولة الكفّار ودولة بني حفص، وكان ابتداء دولة بني حفص سنة ثلاث وستمائة (?) من أول ما تولّى أبو محمد عبد الواحد، وإن دخل في ذلك غيرهم حسبما مرّ تفصيله وانقرضت سنة احدى وثمانين وتسعمائة (?) فكانت المدة من أولها إلى آخرها ثمانية وسبعين وثلاثمائة سنة.
ولنرجع الآن إلى ذكر أصل الدولة السعيدة دولة / آل عثمان - أبقاها الله ببقاء الزمان وجعلها دولة مباركة - {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ} (?) {تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها} (?) وهي خاتمة الدول وختامه مسك.
كمل الجزء الأول من نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار، ويتلوه - إن شاء الله تعالى - الجزء الثاني، مبدؤه المقالة الحادية عشر في ذكر دولة آل عثمان تأليف الشّيخ الإمام وقدوة الأنام، ومجلي الظلام علامة زمانه، وفريد دهره وأوانه، حامل قول التحقيق، ومالك أزمة التوفيق، قدوة الأفاضل ومجلي المعاطل، بقية السلف، وعمدة