الواثق:

فتولى بعده ولده أبو زكرياء يحيى الواثق، ولد سنة سبع وأربعين وستمائة (?)، وبويع له ليلة مات أبوه فأصبح خليفة، وبايعه من بقي صبيحة تلك الليلة وذلك يوم الأحد الحادي عشر لذي الحجة عام خمسة وسبعين وستمائة (?)، فكانت سيرته أحسن سيرة، وأخباره مع أولي الفضل مشهورة، جدّد ما اختل من جامع الزيتونة وغيره من المساجد، وسرّح أهل السجن، وأحرق أزمّة المظالم، وأحسن إلى الأجناد، إلاّ أنه كان لا يحسن القيام بأمر الخلافة، وتغلّب على دولته يحيى بن عبد الملك الغافقي المعروف بابن الحببّر (?)، وكان لا يشتغل بأمر الملك بل بأمور غير مفيدة من البناء وأنواع الملابس واقتناء الأثاث، / فساء تدبيره الملك ولم يحسنه، فتلاشت الدّولة بسبب ذلك.

وفي سنة ست وسبعين (?) أخذ سعيد بن يوسف بن أبي الحسين وأخذت منه أموال عظيمة، وكان المتولي تعذيبه خديمه عبد الرّحمان بن أبي الأعلام، فكان اذا اشتد به الألم يقول له: من أعان ظالما سلّطه الله عليه، ولمّا بلغ الخبر الواثق وهو بتونس منتبذ عن الحامية والبطانة (?) وضعف أمر المملكة خلع نفسه وبايع لعمّه أبي اسحاق، وذلك يوم الأحد الثالث لربيع الثاني عام ثمانية وسبعين وستمائة (?)، فكانت خلافته سنتين (?) وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوما: وقيل خلع نفسه لعمه يوم الجمعة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين وستمائة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015