المهدي، ولما خرج النّاصر إلى افريقية في وسط جمادى الآخرة سنة إحدى وستمائة (?)، وفتح بلادها وهزم الميورقي بها وبلغ غرضه من الحركة اليها ولّى على عمل افريقية أبا محمد عبد الواحد ابن الشيخ ابي حفص عمر بن عبد الواحد في سابع شوال سنة ثلاث وستمائة، وتمادت مدّته بافريقية إلى زمان المأمون اهـ‍.

وكيفية استخلافه أن الناصر لما دخل عليه رمضان وهو بتونس من السنة المذكورة «أشاع (?) الحركة إلى المغرب، وتحدّث مع اشياخه ومدبّري دولته فيمن يترك / بافريقية فأجمعوا على الشيخ أبي محمد عبد الواحد المذكور ولم يختلف في ذلك اثنان، وكانوا أرادوا تبعيده عن الخلافة ليجدوا السبيل الى اغراضهم، فأمر النّاصر بعض خدّامه في الحديث معه استحياء من مواجهته به، فامتنع، ولم تسمح نفسه بمفارقته (?)، وخاطبه النّاصر في ذلك بنفسه فاعتذر له ببعد الشّقة عمن خلفه بمراكش من أهله وولده وبما يلزم ذلك من مفارقة الخليفة والبعد عنه، ونظر النّاصر فلم يجد عوضا عنه، ولم يرد إكراهه على المقام فحكى نبيل مملوك الشّيخ عبد الواحد المذكور قال: بينما أنا جالس على خباء الشّيخ ليلة اذ بضوء قد خرج من مضارب الخليفة فاذا بطائفة من الفتيان قد قصدوا نحو خباء الشّيخ، قال: فعرّفته بذلك، قال: اذا وصلوا فافتح لهم الباب، فلما وصلوا فتحت لهم فدخل ولد الخليفة النّاصر ومعه ولد الشّيخ أبي محمد من ابنة المنصور وهو المعروف بالسيّد أبي الحسن، وكان النّاصر (?) خاله قد رباه مع ولده يوسف المستنصر ولي عهده واختصه كولده فوجهه مع ولده ومعهما سالم الفتى مربي النّاصر وفتيان آخرون سواه، فقام الشيخ أبو محمد لولد النّاصر وأجلسه معه وقال له: ما حاجتك أيّها الطّالب ولو كان عندي غير نعمتكم (?) لقابلتك به، فقال له الفتيان: كرامته عندك قضاء حاجته، فقال: نعم، حاجته / مقضية، فقال له الولد: إن مولانا وسيّدنا يخصّك بالسلام، ويقول لك هذه البلاد هي من أول هذا الأمر العزيز مع هؤلاء الثوار في شأن عظيم، وتحت ليل بهيم، وقد وصل اليها سيدنا عبد المؤمن وسيدنا أبو يعقوب وسيدنا النّاصر، وما منهم الا وقد أنفق عليها أموالا وأفنى في الحركة إليها رجالا، والشّقة بعيدة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015