أبو عنان وأعماله بافريقية:

ثم استبدّ أبو عنان فارس بن علي بالأمر، فكان سلطانا عالما، عليّ الهمّة، متراقيا إلى الغاية، جدّد الملك، وعدّد الألقاب، وصيّر الايالة في أضيق من خرت، وبنى المدارس والزّوايا، واستجلب الأعمال، وتحرّك إلى تلمسان فهزم قبيلها، وأعمل السّيف فيهم، وتقبض على سلطانها عثمان وأخيه أبي ثابت فقتلهما، واستضاف الايالة الزيّانية على ما كانت عليه أيام أبيه، وللحين هدّ / أسوارها كي لا تكون محلّ امتناع على قبيله (?) ولا دار ملك لعدوّه.

«وفي سنة خمس وخمسين وسبعمائة عاشر ربيع الأول (?) أخذ النّصارى مدينة طرابلس غدرا - أظهروا أنهم تجّار فصدّقهم صاحبها ابن ثابت - فلمّا كان عند الصّباح نصبوا السلالم وركبوا الأسوار واستولوا عليها، وفرّ صاحبها فحصل في أيدي العرب وقتلوه وأخاه لدم كان أصابهما (?) منهم، وأسر [النّصارى] (?) جميع [أهل] (66) البلد، ومكث النّصارى فيها نحوا من أربعة أشهر، وكان خروجهم منها ثاني عشر شعبان (?) من العام بعد أن نقلوا جميع ما فيها لبلدهم جنوة وتركوها خالية (?)، والعرب أثناء ذلك يردون من أراد قتالهم من المسلمين، إلى أن داخلهم ابن مكي صاحب قابس في فدائها فاشترطوا عليه خمسين ألفا من الذّهب العين، فبعث فيها للسّلطان أبي عنان المترجم بطرفه بمثوبتها (?)، ثم تعجّلوا عليه فجمع ما عنده واستوهب ما بقي من أهل قابس والحامّة وبلاد الجريد فوهبوه له رغبة في الخير، ومكنه (?) النّصارى من طرابلس فملكها، وبعث السّلطان أبو عنان إليه بالمال صحبة الخطيب أبي عبد الله بن مرزوق وأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015