وهنئ الحسن بهذا الفتح، ولم يدر ما تحت طيه من المحنة التي خصته وعمّت المسلمين لسببه.
ولما أقلع الأسطول إلى صقلية خائبا خاسرا أغاظ لجار ذلك، ثم اتفق باثره أن وصل أسطول الملثم من المغرب وقائده محمد بن ميمون، فعاث في بلاد لجار وقتل وحمل نساءها سبيا إلى بلاده، وكان لجار كلّما وصله أسطول من المغرب إلى بلاده نسبه إلى الحسن فعزم العزم المصمّم على غزو المهديّة وأنشأ في ظاهر الأمر بينه وبين الحسن صلحا وفي نفسه ما فيها لتتم خديعته ويتمكّن من مراده، وكان بين الحسن وبين ابن عمّه يحيى ابن العزيز بن باديس بن المنصور بن النّاصر بن علناس (?) بن حماد صاحب بجاية من المخالفة ما أوجب أن بعث يحيى في هذه المدّة لمحاصرته (?) بالمهديّة أسطولا في البحر وجيشا في البر، قائده مطرّف بن علي بن حمدون الفقيه، فحصر المهديّة بحرا وبرا ونزل مطرّف بن علي بجيشه بظاهر زويلة فاستمدّ الحسن لجار فأمدّه بأسطول، فعلم مطرّف بذلك فارتحل عن المهديّة مسرعا، وكانت للجار جواسيس بالمهديّة فكتبوا إليه يعلمونه أن بمرساها مراكب قد استوفت وسقها، فأمر جرجير قائد الأسطول المتوجه للنصرة بالهجوم عليها وأخذها ففعل ذلك غدرا وحملها إلى صقلية، ثم هجم بعد ذلك على مرسى المهديّة فأخذ منها مركبا كان الحسن قد احتفل به وشحنه بذخائر ملوكية ليوجه بها إلى الحافظ / العبيدي صاحب مصر وكان ذلك المركب يسمّى «نصف الدنيا».
ولم يزل يرسل الغزو عليها بأساطيله والمقدم عليها جرجير المذكور وهو العارف بالمهديّة حاضرة وبادية ويضعفه بذلك إلى أن دخلت سنة ثلاث وأربعين.
وقال ابن الأثير (?) ففي سنة احدى وأربعين وخمسمائة (?) سار أهل قابس إلى لجار مستعينين (?) به على ردّ محمد بن رشيد (?) وكان بين لجار وبين الحسن بن علي صاحب