وكان حين خرج من ملالة ومعه عبد المؤمن لحق بونشريس (?) - بفتح الواو وسكون النون وفتح الشين المعجمة وكسر الراء وسكون المثناة التحتية ثم سين (?) معجمة - بليدة من أعمال بجاية، فصحبه من برابرها جملة هم أجلة أصحابه، ثم لحق بتلمسان وقد تسامع النّاس بخبره فرحل إلى فاس، ثم إلى مكناسة، ونهى فيها عن المنكر، فأوجعه الأشرار ضربا.
ابن خلكان: (?) «كان ابن تومرت قد صحبه رجل يسمّى عبد الله الونشريسي (36) ففاوضه فيما عزم عليه من القيام، فوافقه على ذلك أتمّ موافقة، وكان الونشريسي (?) ممّن تهذّب وقرأ على الفقهاء، وكان جميلا فصيحا في لغة العرب وأهل المغرب، فتحدثا يوما في كيفية الوصول إلى الأمر المطلوب، فقال ابن تومرت لعبد الله:
أرى أن تستر ما أنت عليه من العلم والفصاحة عن النّاس وتظهر العيّ (?) واللّكن والحصر والتّعريّ عن الفصاحة (?) ما تشتهر به عند الناس، ليظهر ما أنت عليه دفعة واحدة / وقت الحاجة إليه، فيكون كالمعجزة والكرامة فتصدّق بما تقوله، ففعل ذلك عبد الله.
ثم ان محمد استدنى أشخاصا من أهل المغرب أجلادا في القوى الجسمانية أغمارا، وكان إلى الأغمار أميل من أولي الفطن والاستبصار، فاجتمع له منهم ستة سوى عبد الله الونشريسي (?) فتوجّهوا إلى مرّاكش وملكها يومئذ أبو الحسن علي بن يوسف بن تاشفين، - المقدم الذكر - ملك الملثّمين، وكان علي ملكا عظيما حليما ورعا عادلا متواضعا وكان بحضرته رجل يقال له مالك بن وهيب (?) الأندلسي، قاضي مرّاكش، فشرع ابن تومرت في الإنكار على عادته، حتى أنكر على الملك وعلى أهل بيته (?).
فبلغ ذلك الملك وأنه تحدث في تغيير الدّولة، فقال مالك بن وهيب للملك: نخاف من فتح باب يعسر علينا سدّه، والرأي أن تحضر هذا الشخص وأصحابه لتسمع كلامهم