والنّصر فيما حكم عليكم، وانكم بما في أيديكم من الملك في أوسع اباحة، مخصصون منّا بأكرم إيثار وسماحة فاستديموا وفاءنا / بوفائكم، واستصلحوا إخاءنا باصلاح إخائكم، والله تعالى ولي (?) التوفيق لنا ولكم، والسلام». فلمّا فرغ من كتابه قرأه على يوسف بن تاشفين بلسانه فاستحسنه، وقرن به يوسف درقا لمطيّة ممّا لا يكون إلاّ في بلاده - واللّمطية بفتح اللام وسكون الميم بعدها طاء مهملة ثم ياء مشددة مثناة من تحت بعدها هاء ساكنة، نسبة إلى لمطة، وهي بليدة بالسوس الأقصى - (?)، وأنفذ ذلك إليهم. فلمّا وصل كتابه أحبوه وعظموه وفرحوا بولايته، وتقوت أنفسهم على دفع الافرنج، وأزمعوا إن رأوا من ملك الافرنج ما يريبهم أن يجيزوا إليه يوسف بن تاشفين، ويكونوا من أعوانه على ملك الافرنج، فتحصّل ليوسف برأي وزيره ما أراد من محبّة أهل الأندلس له، وكفاه الحرب لهم.
ثم ان الادفونش (?) بن فرذلند (?) صاحب طليطلة قاعدة ملك الافرنج، أخذ يجوس خلال الدّيار ويفتتح الأندلس ويشترط على ملوكهم ويطلب البلاد منهم، خصوصا المعتمد بن عبّاد، فانه كان مقصودا، فنظر المعتمد في أمره فرأى أن الادفونش قد داخله طمع فيما يلي بلاده، فأجمع أمره على استدعاء يوسف بن تاشفين إلى العبور، على ما فيه من الخطر، وعلم أن مجاورة (?) يوسف عين الخسر مؤذنة بالبوار، وكان الافرنج والملثّمون ضدّين له، إلاّ أنه قال: إن دهينا من مداخلة الأضداد فأهون الأمرين أمر الملثّمين، ولئن يرعى أولادنا / جمالهم أحب إليهم من أن يرعوا خنازير الافرنج، ولم يزل هذا الرّأي نصب عينيه مهما اضطر إليه.
وان الادفونش خرج في بعض السّنين يتخلل بعض بلاد الأندلس في جمع كثير من الافرنج فخافه ملوك الأندلس على البلاد، وأجفل أهل القرى والرساتيق من بين يديه ولجأوا إلى المعاقل، فكتب المعتمد بن عباد إلى يوسف بن تاشفين يقول له: إن كنت