ولي المريّة بعد زهير الصقلي، وقد خلفه عليها، فامتنع عنه بها، ثم تصير الأمر بعد إلى إبنه أبي يحيى محمّد، ومات زمن حصار الملثمين له، وفرّ ولده حسام (?) الدولة إلى العدوة الشرقية (?)، فاستقرّ بها في جملته.
وقام بنو طاهر بشاطبة وغيرها من شرق الأندلس، وقام طاهر وزعيم بينهم ذو الوزارتين أبو عبد الله ومدّ له في البقاء إلى أن أسّر عند التغلّب على بلنسية.
وقام ذو الرئاستين أبو مروان عبد الملك بن رزيق، ويدعى «حسام الدّولة» فاستبدّ بالسعلة - وهي بلد كبير وسط بين الثغر الأعلى منها والأدنى - شهير بالمنع.
وقام من الصقالبة عدة كانوا مماليك المنصور بن عامر الذي ولاّهم البلاد، ومنهم خيران ملك المريّة وما يليها، وزهير ومجاهد ملكا مدينة دانية، ومظفّر ومبارك ملكا بلنسية، وملك لبيب ما بعدهما.
ولمّا كثرت ملوك الطوائف اختلفت الكلمة، وتباينت الآراء، وانشقّت العصا، فصار أهل الدّين في أيدي عدوهم / قتلا ونهبا وأسرا، فاستولى الأدفونش على طليطلة أصل قاعدة الأندلس سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (?)، وفي أخذها يقول أبو محمد عبد الله المعروف بابن العسال الطليطلي:
[بسيط] حثوا رواحلكم يا أهل أندلس ... فما المقام بها الا من الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأرى ... سلك الجزيرة منثورا من الوسط
ومن جاور الشرّ لا يأمن عواقبه ... كيف الحياة مع الحيات في سفط
وصار الخبيث متحكّما على المسلمين، وصاروا يؤدون له الضّرائب، ثم ردّها عليهم طمعا في البلاد الأندلسية بأسرها، فاتّسع الخرق على الرّاقع ولم ينقطع أمل الطّامع إلى أن دخلها يوسف بن تاشفين رحمه الله تعالى.