بمدينة تونس، وحرم دياركم وزاويتكم ورفع الأيدي عن الاعتراض عليكم بدخول النساء بحماماتكم، وحوانيتكم، وأجرائكم ومحلكم، وتسريح أعشاركم، واجرائكم على [فارط] رسمكم (وجري عادتكم) (?) طائعين لجميع ما تضمّنه هذا الظهير الكريم، فلا يغيره مغير عليكم، ولا يكدّره مكدر لديكم، ولا يخيل فيه متخيل عليكم، ولا يتطاول فيه متطاول، فمن وقف على هذا الظّهير من العمّال وسائر الولاة أمره بذلك القائم بالله، النّاصر لدين الله، وليعمل به ممتثلا لشروطه، إن شاء الله، واقفا عند حدوده وزواجره، غير عاجل لنفسه بالعقوبة لمخالفته أو مخالفة شيء منه، إن شاء الله - تعالى - بتاريخ عشر بقين من ربيع الآخر عام سبع [عشرة] (?) وأربعمائة» (?).
وفي سنة تسع وأربعين وأربعمائة (?) أخربت الأعراب مدينة القيروان. قال في «معالم الايمان»: وسببه دعاء الشيخ الواعظ عبد الصّمد فانهزم سلطان القيروان - يعني المعزّ - مع كثرة عساكره وقلّة من جاءه، وذلك أنه كان لعبد الصّمد هذا ولد اسمه محمّد، ويكنى أبا الحسن، ورد على القيروان، وكان رجلا صالحا فاضلا واعظا زاهدا صوفيّا عالما عاملا، وكان له مجلس بالجامع الأعظم بالقيروان يجتمع إليه فيه، ويسمع كلامه، وله لسان فصيح، وقلب قريح، كثير الحزن والبكاء، والخوف من أولياء الله تعالى المنقطعين إليه، الخائفين الخاشعين المتبتلين القائمين الصّائمين، قد ركب طريقة القوم من الزّهد والورع والخشية وصدق المقال في الوعظ، لم يسلكها في وقته غيره، فطبق ذكره الآفاق، وكثر ازدحام الناس عليه في مجلسه لاستماع وعظه، ومالت إليه القلوب والأسماع، وكثرت له الأتباع، حتى حذره السلطان، وخاف على نفسه منه، فاستعار السلطان منه بعض كتبه وأظهر أنه أحب مطالعة شيء منها، فأقامت عنده أياما ثم أمر بردّها، فتصفح الواعظ أوراقا منها فوجد فيها ورقة بخط السلطان كأنه نسيها بين أوراق كتابه، فاذا فيها: زعمت ملوك الفرس وحكماء السّير والسّياسة أن أهل التنمس والوعظ وتأليف العامة واقامة المجالس أضرّ الأصناف (?) على الملوك وأفظعهم / أثرا في