فانقطعت قلوب العسكر، ففي تلك الليلة رجع السلطان إلى الدّيار المصرية هاربا (?) وصحبه الأمراء والخليفة مع كلّ أمير مملوكان أو ثلاثة، وليس معهم خيل ولا قماش، وتشتّت بقية العسكر حفاة عراة، وأما أهل دمشق فلم يشعروا برجوع السّلطان، فأصبحوا ورأيهم جميعا على مناشبة الحرب، فركبوا الأسوار وأعلنوا بالنداء يستحث بعضهم بعضا على الجهاد وتراموا على التتار من فوق الأسوار وقتلوا منهم وغنموا من خيلهم، فكانت بينهم مقاتلة هائلة حتى قتلوا من التتار نحو ألف فارس وآخر النهار حضر اثنان من أصحاب تيمورلنك ينادي أحدهما بطلب الصلح (?) وأن يحضر أحد ممن يعقل حتى يكلّمه الملك، فوقع الإختيار على إرسال القاضي [برهان الدين] ابن مفلح الحنبلي (?)، فغاب ثم رجع فأخبر أنه اجتمع بتيمورلنك، وأنه / تلطّف معه وقال له: هذه بلد الأنبياء، وقد أعتقتها صدقة عن أولادي، وأخذ ابن مفلح يحلّ عزائم الناس حتى صاروا فرقتين، فرقة ترى ما يراه القاضي من بذل الطّاعة، وهم الفقهاء، وفرقة باقية على المحاربة وهم سواد الناس (?) فباتوا تلك الليلة على حالتهم تلك ثم أصبحوا وقد غلب رأي ابن مفلح، ومن عادة تيمور إذا أخذ بلدا صلحا أن يخرج إليه أهل البلد من كلّ نوع تسعة أشياء ويسمّون ذلك الظفران (?)، فطلب منهم تجهيز ذلك، وهمّوا بإخراجه من باب النصر، فمنعهم نائب القلعة وهدّدهم بإحراق البلد، فأعرضوا عن ذلك وتدلّوا من أعلى السّور فباتوا في محيّم تيمورلنك، ورجعوا وقد تقرّر منهم قضاة ووزير ومستخرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015