ولنرجع إلى الكلام على بقية أخبار المغولية الذين عمّت بهم البلية فإنهم استمرّت منهم بحار الفتن تمور إلى أن نبع الأعرج تيمور (?)، فأهلك الحرث والنسل، وأفسد في الأرض، {وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ} (?)، فهو أحد الدجّالين. ذكر صاحب المنتخب أن له نسبا يصل به إلى جنكز خان من جهة النساء، فهو فرع خبيث نشأ عن أصل خبيث، وكان رجلا له قامة شاهقة كأنه من بقايا العمالقة، عظيم الجبهة والهامة، شديد القوّة والبأس، قيل إن طول قامته تسعة وعشرون ذراعا (?) وكان من أبهته أن ملوك الأطراف مع استقلالهم بالخطبة والسكة كانوا إذا قدموا عليه بهدياتهم يجلسون على أعتاب العبودية نحوا من مدّ البصر من سرادقته، وإذا أراد منهم واحدا أرسل من الخدمة نحوه قاصدا، فيدعون ذلك الواحد باسمه فيغدو نحوه.
وكان بدء خروجه في حدود الستين والسبعمائة (?)، وهو من قرية تسمّى خواجا أبغار من أعمال كش (?) وهي مدينة من مدن ما وراء النهر، ذكر أنه لمّا ولد سقط على الأرض فرفع فإذا كفّاه مملوءتان من الدم العبيط، فقال بعضهم، يكون شرطيّا، وقال بعضهم ينشأ لصا حراميا، وقال قوم يكون قصّابا سفّاكا / وقالوا: بل يصير جلاّدا وكان أبوه فقيرا إسكافيا (?) فنشأ هو شابّا جلدا لكنه من القلّة يتلصّص، ففي بعض الليالي سرق غنما فشعر به الرّاعي فضربه بسهمين أصاب بأحدها فخذه فأخطأها وبالآخر