بالمحاصّة ويقول: اجعلني كأحدهم، فقال: لا أحكم لمدع بدون بينة عادلة، فأرسل وكيلا وبيّنة أرضاها فتكون كأحدهم، فأمر المعتضد شهودا يشهدون عند القاضي وكانوا من أكابر أمرائه فما حضر أحد منهم إلى القاضي / خوفا من ردّ شهادتهم، فلم يحكم القاضي للمعتضد فأعجب من ديانته وعدم ميله (?) وما أحوج زماننا إلى قضاة مثل هذا خصوصا في أطراف البلاد، يقول الحقّ ويثبته ولا يميل لخواطر الخلق.

وتوفي المعتضد - رحمه الله تعالى - يوم الإثنين لثمان بقين من ربيع الآخر سنة تسع (?) وثمانين ومائتين (?)، فكان مدة ملكه تسع سنين وتسعة أشهر ونصفا (?).

المكتفي بالله وظهور القرامطة:

ثم تولّى بعده ولده أبو محمد علي ولقّب المكتفي بالله وأخذت له البيعة قبل موت أبيه بثلاثة أيام، وكان المكتفي غائبا بالرّقة، فقام له بالبيعة الوزير القاسم بن عبيد الله (?)، وكتب إليه فوصل إلى بغداد من الرقّة لثمان خلون (?) من جمادى الأولى، وكان حسن السيرة ففرح الناس بخلافته ودعوا له.

ومن أعظم الحوادث في أيامه ظهور القرامطة الملحدين (?)، الكفرة المفسدين، فأول من خرج منهم يحيى [بن زكرويه] (?) بن مهرويه القرمطي (?) ومحل ظهورهم ودار ملكهم هجر، وهم طائفة يستحلون دم الحجّاج والمسلمين، يزعمون أن الإمام الحقّ بعد النبيء صلّى الله عليه وسلم محمد بن الحنفيّة بن علي بن أبي طالب (?) - رضي الله تعالى عنهما -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015