بثأر أبيه، فما كان للمستعين إلاّ الإسم، وكانت المماليك الأتراك متولّية على الملك، وكان الأمر كلّه لوصيف التركي وبغا (?) التّركي، فاستمرّ كذلك وهو يترصّد لهما إلى أن ظفر بوصيف التركي فقتله وبقي بغا التركي الذي كان فتك بالمتوكل وسفك دمه، وتنكّرت حالة الأتراك فخاف [المستعين] وخرج من سرّ من رأى إلى بغداد فأرسلوا إليه يعتذرون ويسألونه في العود إلى سرّ من رأى وهو محل الأتراك فامتنع، وكان فاضلا ديّنا، اخباريا مطّلعا على التواريخ / متجمّلا في ملبسه.
ولما امتنع المستعين من العود إلى سرّ من رأى قصد الأتراك خلعه، فأتوا إلى الجوسق (?) واستخرجوا منه أبا عبد الله محمد بن المتوكل على الله بن المعتصم، ولقّبوه «المعتز بالله»، وبايعوه وعمره تسعة عشر عاما، ولم يل الخلافة أصغر منه سنا، وخلعوا المستعين بالله في أول سنة إحدى وخمسين ومائتين (?)، وجيّشوا إلى بغداد جيشا كثيفا على المستعين بالله، وتقاتل معهم شهرا، وكثر القيل والقال، وغلت الأسعار، وعمّ البلاء، وتلاشى أمر المستعين بالله إلى أن خلع نفسه وأشهد العدول والقضاة على نفسه بذلك (?)، فأخذوه وانحدروا به إلى واسط وحبسوه بها تسعة أشهر، ثم ندب له سعيد الحاجب فذبحه في الحبس في ثالث شوال سنة اثنين وخمسين ومائتين (?)، وله خمس وثلاثون سنة (?).
واستمرّ المعتز بالله خليفة، وكان جميل الصّورة، مستضعفا مع الأتراك، وكان صالح بن وصيف متواريا على المعتز خائفا منه، فاجتمع الجند عليه وطلبوا أرزاقهم، ووعدوه أنه إذا أنفق عليهم أرزاقهم ركبوا معه على صالح بن وصيف وقتلوه، ويصفو له