فلث بزيت والبربر تسمي ذلك بسيسة، ثم دعت (خالد بن يزيد) (*) وابنيها فأمرتهم، فأكل ثلاثتهم، وقالت لهم: أنتم الآن قد صرتم اخوة، وذلك عند البربر (?) من أعظم العهود في جاهليتهم إذا فعلوه.
ثم أن حسّانا بعث لخالد رسولا وهو عند الكاهنة فقال: إن حسّانا أرسلني إليك وهو يقول لك: ما منعك من الكتب إلينا بخبر الكاهنة؟ فكتب خالد كتابا إلى حسان مع رسوله في خبزة ملّة قد أنضجها ثم دفعها إلى الرسول ليخفي الكتاب وليظن من رأى الخبزة أنه زاد للرجل، فلم يغب شخص الرسول عنهم حتى خرجت الكاهنة ناشرة شعرها وهي تقول: يا معشر بني، ذهب ملككم ودنا هلاككم فيما يأكل النّاس، فكرّرته ثلاث مرات.
ومضى الرّسول حتى قدم على حسّان بالكتاب وفيه كلّ ما يحتاج إليه من خبر الكاهنة، يقول له فيه، إن البربر يعقدون عساكرهم بالنهار ويفترقون بالليل، وليس لهم حزم في الرأي، وإنّما ابتلينا بأمر أراده الله، وأكرم به من أراد منا بدرجة الشهادة، فإذا نظرت في كتابي هذا فاطو (?) المراحل وجدّ السير فإن الأمر إليك، ولست أسلمك إن شاء الله تعالى، ولا حولا ولا قوة / إلاّ بالله العلي العظيم.
ثم إن خالدا كتب بعد ذلك إلى حسّان بخبر الكاهنة، ثم عمد إلى قربوس (?) فنقره ثم وضع فيه الكتاب وأطبق عليه القربوس وأخفى مكان النقر منه ثم حمل رسولا على دابّة بالكتاب إلى حسّان فلما فصل الرسول بالكتاب خرجت الكاهنة ناشرة شعرها وهي تقول: يا بني قد دنا هلاككم في شيء من نبات الأرض، وهو بين خشبتين، وكانت أعلم أهل زمانها بالكهانة، ومضى الرسول حتى قدم على حسان، فلما بلغ الكاهنة أن حسّانا مقيم بقصره لا يبرح، قالت للروم والبربر: إنما طلب حسان من افريقية المدائن والذّهب والفضّة والشّجر، ونحن نريد المراعي والمزارع، فما نرى لكم إلاّ خراب افريقية، فوجهت البربر يقطعون الشجر ويهدّمون الحصون التي بها، وكانت افريقية ظلا واحدا من طرابلس إلى طنجة (?) [قرى متصلة] (?) وقد استأصلت ذلك