فيا ليت شعري هل يعمّر بعدنا ... (جياد ويقضي سيله والظواهر) (?)
وهل فرح يأتي بشيء نريده ... وهل جزع ينجيك مما تحاذر /
فانطلق مضاض بمن معه إلى اليمن (?) وهم محزونون على مفارقة مكة، وصارت خزاعة حجّاب بيت الله الحرام (?)، وولاة أمر مكّة، وفيهم بنو اسماعيل لا ينازعونهم في شي، ولا يطلبونه، إلى أن كبر شأن قصيّ بن كلاب بن مرة، فاستولى على حجابة البيت وأمر مكّة، وقالوا: قصيّ أول رجل من بني كنانة أصاب ملكا بمكة، فكانت إليه الحجابة والوفادة، والسقاية والنّدوة، واللواء والقيادة وهو الذي جمع أمر قريش فسمي مجمّعا، بكسر الميم المشددة، وفي ذلك يقول القائل:
[طويل]
أبوكم (?) قصيّ كان يدعى مجمّعا ... به جمّع الله القبائل من فهر
هم ملكوا البطحاء مجدا وسؤددا ... وهم طردوا عنها غزاة بني عمرو
قيل سميت قريشا لاجتماعهم على قصيّ، والتّقرّش هو الاجتماع، وقيل لغير ذلك، واستمرّ بنو قصيّ كذلك إلى زمن ظهور النبيء صلّى الله عليه وسلم.
روي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنه قال: كان بمكّة حيّ يقال لهم العمالقة، كانوا في عز ثروة، وكانت لهم خيل وابل ومواش ترعى حول مكّة، وكانت العضاة ملتفة والأرض مبقلة، وكانوا في عيش رخي، فبغوا في الأرض وأسرفوا على أنفسهم، وأظهروا الظلم والالحاد، وتركوا شكر الله، فسلبوا نعمتهم، وكانوا يكرون الظّل، ويبيعون الماء، فأخرجهم الله من مكّة بأن سلّط عليهم النّمل حتى خرجوا من