الكلام لغوا ثمّ رجع وقال: الجديد يحبّه الرّبّ، ويفرح به القلب، ثمّ دخل في كلامه وخرج وجعل يكرر الإحرام وممنوعاته فسرى ذهني للبشارة بحجّ جديد، ثمّ فكرت في مقتضى الحال الموجب لكلامه فإذا هو البرد / وأنّي خطر ببالي أنّي نكسوه برنسا قديما فهذه إشارة منه لترك هذا البرنس لأنّه مخيط قديم، وأنّه يطلب عباءة جديدة كما يلبسه المحرم، فلمّا استقر في ذهني هذا المعنى التفتّ إليه وقلت له: أركان الإحرام أربعة نشير إليه أنّي قد فهمت إشارته، فأعرض عنّي وكأنّه لم يصدر منه ما قال، ثمّ خاطب نفسه مكنيا عني بقوله: هذا ما بقي يفوته شيء، قاع، ولفظة قاع (?) يستعملها أهل السّوس (?) لمعنى الإحاطة والشّمول فكأنّه يقول: لا يفوته شيء من الأشياء كلّها، فلمّا فهمت مراده إشتريت عدّة عبائن (?) وخيّرته في جميعها فاختار واحدة تليق بحاله فأخذها ودعا بخير وانصرف.

ومن إشاراته أنّي كنت خائفا فوات شيء يترتّب عليه ضرر كثير في الدّين والدّنيا، وتحيّرت من ذلك كثيرا مدّة، وارتقبته فأبطأ مجيئه ولحقني من ذلك حرج في الصّدر، وفكّرت في شأنه ليلا ونهارا حتّى أقلقني وطلبت من الله الخلاص وتطمين السّرّ، ولم يطلع على سرّي إلاّ علاّم الغيوب، فبينما أنا جالس ذات يوم وإذا به ينادي: من يكسوني قميصا يرى الآية الكبرى، فنادى بذلك فلم يجبه أحد ولا فهم له أحد مقصودا، فألهمني الله إلى مراده وقلت: هذا رجل من رجال الله ساقه الله وكانت ليلة عيد الفطر، وهذا عريان يطلب سترا، ولعلّ الله / يجعل على يديه الفرج وهذا بشارة من الله بحصول المقصود، فلا بدّ من جبره لعلّ الله يجبرنا، فناديته وقلت له: أحقّا ما تقول؟ فقال:

نعم، نعم، نعم، فأكّدت عليه، فقال: جرّب ترى، فناولته قميصا جديدا يليق به وأكملت (?) بقيّة يومي ونمت وأنا بين اليأس والرجاء، فو الله ما أصبح الصّبح إلاّ وقد أتى البشير بحصول المقصود فكان يوم سرور بعيد الإسلام وبحصول ما كنت خائفا فواته.

ومنها أنّه دخل عليّ خارجي (?) حال قراءتي مختصر الشّيخ خليل (?) وباحثني في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015