الفرغاني (?)، الفقيه الحنفي، كان شيخا دينا، عارفا بمذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، قدم بغداد وسكنها، وكان متعبدا صالحا، وتنقل من حال الى حال إلى أن فتحت المدرسة المستنصرية فرتّب بها مدرسا للطائفة الحنفية، ولم يزل كذلك إلى أن مات بها يوم الأحد عاشر جمادى الآخرة ودفن بظاهر مشهد الإمام أبي حنيفة. وكان له معرفة بعلوم شتى، وله نثر ونظم فمن ذلك، وقد دخل عليه بعض أصحابه في وقت المساء فصبّحه فأنشد: [الطويل].
أتاني مساء نور عيني ونزهتي ... ففرّج عني كربتي وأزاحا
فصبّحته عند المساء لأنه ... بطلعته ردّ المساء صباحا
وفيها مات (?) الطواشي شمس الدين صواب، مقدم عسكر الملك العادل الذي كان أسره ملك الروم، وكان خادما عاقلا شجاعا جوادا، وكان العادل والكامل يعتمدان عليه، وكان له الحكم على الشرق، وخلّف مائة خادم مشتراه أكثرهم تعينوا بعد وفاته وأمّروا، من جملتهم بدر الدين الصوابي وشبل الدولة خازندار (?) دمشق وغيرهم، تسلموا القلاع وحكموا، وكان له بر وصدقة وشجاعة، وكان إذا حمل في الحرب يقول: أين أصحاب الحصا. وكانت وفاته في العشر (19 أ) الأخير من رمضان بحرّان، وكان مقيما بها وهي مضافة إليه مع ديار بكر (?) وما معها من البلاد.
وفيها مات أبو زكريا يحيى بن المظفّر بن شهاب ابن موسى بن طلحة الهاشمي الواسطي، المعروف بابن الصابوني (?) الواعظ. كان فقيها أديبا شاعرا، وعظ الناس وسافر في طلب الحديث إلى الحجاز والعراق ومصر، وعاد الى بلده، ومن شعره: [الكامل]