جذعا! " وأراد تقريره على الخطأ، فلم يفطن المفضل لمراده، فقال: كذلك أنشدته. فقال الأصمعي حينئذ: أخطأت، إنما هو "تولبا جذعا"، فقال: المفضل: "جذعاً جذعاً"! ورفع صوته، فقال سليمان بن علي: من تحبان أن يحكم بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أسد، حافظ للشعر، فأحضر فعرضا عليه ما اختلفا فيه، فقال بقول الأصمعي، وصوب قوله، فقال المفضل: وما الجدع؟ فقال: السيئ الغذاء؛ وهكذا هو في كلامهم، ومنه قولهم: أجدعته أمه؛ إذا أساءت غذاءه.

خلف الأحمر

وأما أبو محرز خلف بن حيان المعروف بخلف الأحمر؛ فإنه كان مولى أبي بردة بن أبي موسى، أعتق أبويه - وكانا فرغانيين - وكان يقول الشعر فيجيد؛ وربما نحله الشعراء المتقدمين، فلا يتميز من شعرهم لمشاكلة كلامه كلامهم.

وقال أبو عبيدة: خلف الأحمر معلم الأصمعي، ومعلم أهل البصرة.

وقال ابن سلاّم: أجمع أصحابنا أنه كان أفرس الناس بيت شعر وأصدق لسانا؛ وكنا لا نبالي إذا أخذنا عنه خبراً، وأنشدنا أن نسمعه من صاحبه.

وحكى شمر قال: كان خلف الأحمر أول من أحدث السماع بالبصرة؛ وذلك أنه جاء إلى حماد الراوية، فسمع منه - قال وكان ضنيناً بأدبه. وقال الحسن بن هانئ يرثي خلفاً:

بت أعزي الفؤاد عن خلف ... وما لدمعي إلاّ يفض يكف

أنسى الرزايا ميت فجعت به ... أضحى رهين الثواء في جذف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015