يجازي على المعروف عبداً وسيداً ... وليس عليه يوم يعطي الندى شرط

وما شاب ما يوليه منٌ ولا أذى ... ولا شان ما يولاه كفر ولا غمط

إليه الندى أقلى مقاليد أمره ... وقال إليك القبض والبذل والبسط

فما قال لا يوماً لراجي نواله ... ولا قصر الجدوى بنان له بسط

ولا عيب فيه ما عدا أنه الذي ... له خلق كالروض ما شأنه سخط

يجود وما سام العفاة نواله ... وكم شان ذا جدوى وقد أخلط اللط

ينادي منادي الجود من شط أو دنا ... إلى بذله سيروا سراعاً ولا تبطوا

إذا ما بدا وهط الحجاز وحبذا ... منازل من يعلو بساكنه الوهط

بلاد زهير إن حللتم بداره ... وشاهدتم النادي ففي سوحه حطوا

إليك أثيل المجد وجهتُ مطلبي ... وما خاب من رجى غياث الورى قط

عسى نظرة من عين رحماك سيدي ... يكون لمثلي من كارمها قسط

وإني غريب الدار أحمد من له ... غرائب لا تحصى ولا يمكن الضبط

وما أنا البحر والدر معدن ... وكل بصير بالآلي له لقط

وحسبي فخراً أن جدي حيدر ... وأن أبي خير الورى الحسن البسط

وجدي إمام الغرب سلطان عصره ... بطاعته قد طاعت الجند والرهط

خليفة رب العالمين بأرضه ... إلى علمه في حكمه الحل والربط

وما أنا إلا فاطمي مهذب ... وما شان أصلي قط روم ولا قبط

وما ذمني إلا غبي وحاسد ... وما كان مثلي جاءه الذم والغبط

وشعري كما زهر الربيع محاسناً ... وغيري به شعر ولكنه خمط

لعمري هي الأقدار والحظ سائر ... وكم من له حظ وليس له أخطو

ودم في أمان الله ما قال شاعر ... عليَّ يمين عن ديارك لا أخطو

قال مؤلف (السلافة) عفى الله عنه: لما وقفت على هذه القصيدة أحببت أن أنظم عليها فقلت متعزلاً:

سرت موهناً والنجم أذنها قرط ... وعقد الثريا في مقلدها سمط

ألمت بنا والليل مرخ سدوله ... فضاء بصبح ميط عن نوره المرط

وأرج أرجاء الحمى بشر طيبها ... فلم يدر مسك ما تضوع أم قسط

وقد أقبلت ترنو بمقلة مغزل ... أظلت بجرعاء الحمى شادياً يعطو

تميل كما مال النزيف كأنا ... يرنحها من راح صرخد اسفنط

وتخطر تيهاً حين تخطو تأوداً ... بأسمر مما أنبت الله لا الخط

تجل عن التشبيه في الحسنغادة ... إذا قيس في أوج بها البدر ينحط

وإن قيل إن الريم يحكي لحاظها ... فأين القوام الدان والشعر السبط

على أن مرعاها وما صوح الكلى ... حشاشة نفسي لا الإدراك ولا الخمط

وتسطو أسود الغاب بالريم جهرة ... وهذي بآساد الثرى أبداً تسطو

بنفسي فتاة تغبط الشمس حسنها ... وفي مثل هذا الحسن يستحسن الغبط

لها طرة تصفو على صبح غرة ... ياقط مسكاً من غدائرها المشط

شفعت بها ليلاً تقاصر وهنةُ ... فطال وللآمال في طوله بسط

وبتنا على رغم الحسود وبيننا ... حديث رضى بالوصل ما شايه سخط

تعللني من دلها ورضابها ... بخمرين لم أسكر بمثلها قط

وعاطيتها صرفاً حكت دم عاشق ... مراقاً عليه من مدتمعه نقط

فمالت ولم تسطع حراكاً كأنما ... أتيح لها من عقد أحبولة نشط

فلم تصح إلا والنجوم خوافق ... وفرع الدجى جعد ذوائبه شمط

وقد ضاء مسود الظلام بشمعة ... من الصبح لم يفرز ذبالتها قط

فقامت لتوديعي بوجد ولوعة ... وللوجد في جنبي من لوعة فرط

وأذرت دموعاً من لحاظ سقيمة ... هي الدر لكن ما لمنثوره لقط

وسارت على اسم الله تنقل أخمصاً ... إذا ما استقلت لا تكاد بها تخطو

وشطت بقلبي في هواها ولم يزل ... ببحر غرام لا يرام له شط

وقد قدح التفريق بين جوانحي ... زناد هموم لا يبوح لها سقط

نعم قد حلت تلك الليالي وقد خلت ... وأي دنو لا يقارنه شحط؟

لعمري لقد ألوت بأيام وصلنا ... حوادث أيام أساودها رقط

وبذلت من قرب الوصال بخطة ... من الهجر لا يمحى بدمعي لها خط

تؤرقني الذكرى إذا عنّ بارق ... يلوح بفود الليل من لمعة وخط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015