وحاكته أيدي غانيات فضائلاً ... تحجبن إلا عن لقاء ذوي المجد

ووشته حتى خيل برداً منمنماً ... على منكب العلياء طرز بالحمد

ومذ نشرته فاح في الكون عرفه ... وأهدى إلى الأرواح رائحة الند

وأنشد من أضحى لرياه ناشقا ... ((ألا يا صبايا نجد متى هجت من نجد))

رديف دعا هزت معاطف غصنه ... قبول قبول فهي مائسة القد

تبختر في روض الإنابة ساحباً ... مطارف أذيال الإجابة بالقصد

إلى حضرة عليا مقدسة سمت ... وجلت عن التعريف بالرسم والحد

وقصر عها الواصفون وإن يكن ... خطيب عكاظ وامرأ القس والجعدي

وإني وإن كنت المقصر عنهم ... سأبذل في مدحي وتقريظه جهدي

وهيهات أن أحصي ثناء لقائل ... تشرف جبريل بخدمته جدي

مليك له هام الفرادق منزل ... تبوأه إرثاً عن الأب والجد

مليك سنا الإجلال لاح بوجهه ... مخائله مذ كان في حوزة المهد

مليك إذا ما جال حومة الوغى ... ترى الهام تهوي في الرغام على الخد

تخيلها خرت لتقبيل لا حافز الصوافن كيما تستجير من الجد

فإن شمت برقاً لاح في أفق غيهب ... من النقع قل ذا سيفه سل من غمد

وإن سمعت أذناك سيلاً عرمرماً ... يسيل فقل هذا نداه لمستجد

وإن عبق الأكوان نشر معنبر ... فقل ذا شذا أوصافه الفائق الند

وإن تر شمس الأفق قد أشرقت فقل ... سنا وجهه الوضاح لاح لمستهد

وإن تر بدر الجو بين كواكب ... فقل هو في بنائه الغر إذ يبدي

فمن كأبي عجلان في الحلم والحجى ... وفي الفضل والتقوى وفي العلم والزهد؟

ومن كأبي عجلان في البأس والندى ... وفي الشرف البذاخ والعز والمجد؟

فيا سيد السادات دونك مدحة ... تفاخر در السمط بل جوهر العقد

قريض محب لم يزل متمسكاً ... بعروتك الوثقى المنوطة بالعهد

شكور لنعماك التي ألبسته من ... نسيج يد الإفضال من أفخر البرد

وهيهات لا أسطيع شكر صنيعها ... ولكن على مقدار ما يقتضي جهدي

ولا سيما إن ذكرته مدائحي ... بسابق وعد كان من صادق الوعد

فلا زال محروس الجناب ممتعاً ... بأبنائه الصيد الغطارفة الأسد

ولا سيما السامي لأفخر رتبة ... تسنمها بالحزم والعزم والجد

بهي الصفات الغر والمجد والسنا ... سمي السمات الساميات من العد

قتادة حاوي المكرمات ومن علا ... على هامة الجوزاء من فلك السعد

ومن في سماء المجد أشرق نجمه ... وأضحت به الأكوان وردية الخد

وهزت له العليا معاطف نثرها ... وغنت حمام الأيك في عذب الرند

تهنيه إذ حاكت له بيد الشفا ... معاطف تغنيه عن السابغ السرد

لعمري لقد عم الهنا كل مهجة ... لما ضمنته في مخبأة الود

فلا زال في وثب المسرة رافلاً ... يجرر أردان السعادة والمجد

بسوح أبيه السيد الملك الذي ... تقلد من حلي السيادة بالعقد

وتوجه نور النبوة مغفراً ... يطرز بالإقبال والعز والسعد

وألبسه جأش الخلافة سابغاً ... تدرعه من سطوة الدهر إذ يعدي

وأزكى صلاة الله ثم سلامه ... على المصطفى الهادي إلى منهج الرشد

وآل له والصحب ماذر شارق ... وما غرد القمري على فنن الرند

وما حكت في مدح المليك قصائداً ... وطرزتها بالشكر والمدح والحمد

ولم يؤرخ ناقل الترجمة سنة وفاته, ونقل أيضا صاحب ((السلافة)) لأخيه القاضي شهاب الدين أحمد بن عيسى المرشدي, فقال في حقه: شهاب الفضل الثاقب، الشهير المآثر والمناقب, سطع في سماء الأدب نوره، وامتد في البلاغة باعه فشق من رام أن يشق غباره أتباعه, لا تلين قناة فضله لغامز, ولا يلعز أدبه المبرأ من العيب لامز, وله نظم بديع الأسلوب يملك برقته المسامع والقلوب، فمنه يمدح الشريف مسعود بن الشريف أدريس شريف مكة المشرفة عام تسع وثلاثين وألف بهذه القصيدة:

عوجا قليلا كذا عن أيمن الوادي ... واستوقفا العيس لا يحدو بها الحادي

وعرجا بي على ربع صحبت به ... شرخ الشبيبة في أكناف أجياد

واستعطفا جيرة بالشعب قد نزلوا ... على الكثيب فهم غيي وإرشادي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015