صمتت سيوفك في الغمود وجردت ... يوم النزال فحدثت إخبارها

لما احتست خمر الهياج نصالها ... أهدت إلي هام الطغاة خمارها

زارتك في قصر كاعب ... زانت محاسن جيدها تقصارها

رضعت من الآداب محض لبانها ... وتجمبت ممذوقها وسمارها

تثني الليالي هائمات كلما ... نفثت علي بسحرها أسحارها

فاجعل جفون رضاك في أعطافها ... كرما وشرف بالقبول مزارها

وله في الزهد:

يا من يصيخ إلى داعي الذكرى ففيم ثوى ... في رأسك الواعيان السمع والبصر

ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل ... لم يهده الهاديان العين والأثر

لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك ... الأعلى ولا النيران الشمس والقمر

ليرحلن عن الدنيا وان كرها ... فراقها الثاويان البدو والحضر

وقال أيضاً من كلمة له:

تنمر الدهر حتى ما فرقت له ... من قوري الدجى في فروة النمر

لابد أن يقطع المطلوب في شركي ... ولو بنى داره في دارة القمر

قاضي الجماعة في دار الامارة لي ... قاض على الدهر أن لم يقض لي وطري

لولا ضلوع تواري نار فطنته ... لأحرقت وجنات الشمس بالشرر

وقال يمدح القاضي أبا امية ابراهيم بن عصام رحمه الله تعالى:

يا من عزائمه أمضى إذا انتضيت ... من حادث الدهر إذا يسطو بها القدر

ومن إذ لا بدا في أفق مكرمة ... جبينه المسفر استخذى له القمر

عين الرجاء إلى علياك شاخصة ... في حاجة أنت فيها السمع والبصر

فاجر الصفوف إلى استنزالها قدماً ... وصاحباك بها التأييد والظفر

حتى تلاقي من قاضي القضاة بها ... شمساً أنارت بها الأحكام والسير

في حبوتيه إذا استقبلته ملك ... مقدس الروح إلا أنه بشر

أضفى على الدين أبراد الشباب فل ... صديقه البر أو فاروقه عمر

من ادعى الشرك في أكرومة معه ... فاغلظ عليه وقل للعاهر الحجر

وقل له ما ترى في روضة أنف ... وافت ليسقيها من جودك المطر

وقال يمدحه أيضا:

هاكها كالجنوب تزجي القطارا ... طافح الورد نفحها واعرارا

في جبين من حالك الحبر تبدي ... لك ليلاً من طرسه ونهارا

رق ديباجه فراق زلالاً ... حيث دارت به النواسم دارا

تتالا من المعاني شموس ... فوق صقحيه تخطف الابصارا

خجل الصبح من شكاتي فاهدى ... سوسن الخد منه والجلنارا

ورآني بلا عقار فكادت ... صفحة منه تستهل عقارا

ورآني السحاب أسحب حالاً ... ذات عدم فذاب ماء ونارا

عثر الدهر بي وقد جئت حراً ... ذاكي الأصل ينعش الأحرارا

أن تكن عصمة فإن عصا مجده ... لم يزل يقيل العثارا

قاضي الشرق أشرقتني بريقي ... نائبات يطلبن عندي ثارا

لا لذنب إلا لأني أديب ... طاب عود منه فكان نضارا

اجل دراً يرق حسناً وان كانت ضلوعي تهفو عليه حرارا

حاش لي أن أزفها ثيبات ... عنساً بل كواكباً إبكارا

طلعت في أهلة من ضلوع ... لي تجلو بناتها أقمارا

أرضعتها در البلاغة منها ... أمهات لم تحتلب أظآرا

وأرتك الرياض منها كمام ... جادها النبلا وابلا مدرارا

ما على بابل لو استقبلتها ... فاجتنبت من ثمارها الأسحارا

كل خمرية ولم تسق خمرا ... تلبس الحسن والدلال خمارا

تذر السامعين يثنون اعطافها ... سكارى وما هم بيسكارى

لو تغلغلن في مسامع رضوى ... لانثنى راقصاً وخلى الوقارا

ليس في فسحة من الغدر إلا ... من صار خالعاً إليها العذارى

وجهها أجزل المهور فلولا ... أنت ما أدلجت بهن المهارى

أبصرتها النجوم أشرق منها ... فسرت تخبط لظلام حبارى

وقال أيضا:

للرزق أسباب ومن أسبابه ... أعمال ناجية وشد حزام

حرف كأني فوق عوج ضلوعها ... ألف أقيمت فوق عطفة لام

وكأن زورتها ربابة ياسر ... لزمت باربعة من الأزلام

لم يبق منها نصفها إلا سفى ... كالريح تمسكه يدي بزمام

من نام عن حاجاته لم يلقها ... إلا بواسطة من الأحلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015