صفات المؤمنين الصادقين فقد بينها الله تعالى بقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} .
فأولى هذه الصفات حب الرحمن لهم ولنعم هذه الصفة.
وثانيها حبهم لله تعالى وأعظم بها نعمة.
وثالثها كونهم أذلة على المؤمنين أي هينين لينين.
ورابعها أعزة على الكافرين أي أقوياء أشداء.
وهاتان الصفتان: الرابعة والثالثة جاءت من نعت الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذ قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} 1.
وخامسة الصفات: يجاهدون في سبيل الله؛ آي كلما دعا داعي الجهاد حملوا سلاحهم وخرجوا لا هدف لهم ولا غاية سوى رضى الله ونصره دينه وأوليائه.
وسادسة الصفات: أنهم لا يخافون في اعتقاد الحق وقوله والعمل به وإظهاره والدعوة إليه لومة لائم، بل ولا عداء معاد ولا حرب محارب. وذلك لكمال علمهم وصحة إيمانهم وعظيم يقينهم. وقل لي أيها القارئ الكريم بم ختم الله توجيهه لأوليائه شفى هذا النداء العظيم؟ إنه ختمه بقوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
إن هذه الصفات الست التي لا يقدر على إعطائها إلا الله، ولا يستحقها إلا أولياء الله هي من فضل الله تعالى، وفضل الله لا يعطى إلا لمن طلبه ورغب فيه وصدق في طلبه وسلك السبيل المحقق له والموصل إليه، وقل لي بما يطلب هذا الفضل العظيم؟ فإني أعلمك بأنه يطلب بالإيمان بالله، والكفر بالطاغوت إذ قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ