النداء الرابع والعشرون: في وجوب التثبت والتبين في الأمور التي يترتب على الخطأ فيها ضرر بالغ عظيم

الآية (94) من سورة النساء

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}

الشرح:

اذكر أيها القارئ الكريم ما قد سبق أن علمته، وهو أن الله تعالى لا ينادى عباده المؤمنين إلا ليأمرهم بما فيه سعادتهم وكمالهم وينهاهم عما فيه شقاؤهم وخسرانهم، وذلك لولايتهم له حيث آمنوا به وبلقائه، وبكل ما أمرهم أن يؤمنوا به واتقوه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، إذ بذلك تطهر أرواحهم وتزكو نفوسهم، والله يحب التوابين إليه والمتطهرين من أجله.

ولك أن تعلم أيها القارئ الكريم والمستمع المستفيد أن ما شرعه الله تعالى من عباداته؛ إنما شرعه لتزكية نفوس عباده وتطهيرها ليقبلها ويرضى عنها وأن ما حرمه على عباده ونهاهم عنه سواء كان اعتقادا أو قولا أو عملا إنما حرمه عليهم ونهاهم عنه من أجل أن لا تخبث أرواحهم وتتدسى نفوسهم فيكرهها ويبغضها، ولا يأذن له بدخول الجنة حتى لا تنعم برضاه والنظر إلى وجهه الكريم فيها. واقرأ لهذه الحقيقة قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} . وقوله: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} فالأبرار وهم المطيعون لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم في نعيم الجنة، وذلك لبرورهم، إذ البرور هو الطاعة. والفجار في جحيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015