الآية (71) من سورة النساء
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً}
الشرح:
تعلم أيها المؤمن أنه ما نادى الله تعالى عباده المؤمنين إلا ليبين لهم طريق سعادتهم وكمالهم، وعزهم وسيادتهم وقيادتهم؟ لأنهم أولياؤه وهو وليهم، وأن ما يأتى بعد النداء لا يكون إلا أمرا منجيا ومسعدا، أو نهيا مبعدا عن الشقاوة والخسران في الدارين، أو نذارة تخيف وترهب فتحمل المؤمنين على مواصلة فعل الخيرات، واجتناب المنكرات، ولا غرابة ولا عجب في هذا؛ لأن الولي لا يريد لأوليائه إلا نجاتهم وسعادتهم والمؤمنون المتقون أولياء الله، والله وليهم، إذ قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} يخرجهم من ظلمات الشرك والكفر والنفاق، وكبائر الذنوب وفواحش القول والعمل لتبقى أنفسهم زكية طاهرة يرضاها تعالى، ويعطيها مناها وقد أخبر بذلك في قوله: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} وبينهم بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} وبين تحقيق مناهم لهم فقال: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} أي الحاملة للبشارات ذلك هو الفوز العظيم.
والآن هل تدرى لم نادى الله تعالى عباده المؤمنين في هذا النداء الثالث والعشرين من نداءاته لهم في كتابه الحكيم؟ إذ ناداهم ليأمرهم بأخذ الحذر من عدوهم، وعدو المؤمنين وهو كل كافر من الإنس والجن، وعدوهم هو من يريد هلاكهم وخسرانهم وذلهم وضعفهم وحقارتهم، ولا يكون هذا العدو إلا كافرا ظالما، والحذر يكون بتوقى المكروه بالأسباب المشروعة الممكنة، فمن الأسباب المشروعة الممكنة لتوقى