النداء الثالث: في أكل الحلال وشكر الله على ذلك
الآية (172) من سورة البقرة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}
الشرح:
لا تنس أيها القارئ الكريم سر نداء الله تعالي لعباده المؤمنين بوصف الإيمان وهو أنهم بإيمانهم الحق أحياء يسمعون ويعقلون ويقدرون علي الفعل والترك، وأذكر أن الله تعالي ما ناداهم إلإ ليأمرهم بما هو خير لهم، أو ينهاهم عما هو شر لهم، إذ بفعل المأمور وترك المنهي تتحقق تقوى الله عز وجل، وبالإيمان والتقوى تكون ولاية الله للعبد.
واسمع ما قال الله تعالي في دلك: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} لذا يجب علي المؤمنين إذا سمعوا نداء الله أن يصغوا ليسمعوا لأنه ناداهم ليأمرهم أو ينهاهم فإذا فعلوا المأمور وتركوا المنهي إيمانا واحتسابا تحققت لهم ولاية الله ففازوا بذهاب الخوف والحزن عنهم في الدنيا والآخرة وهم في الغرفات آمنون.
هل تدري أيها القارئ أن الله تعالي نادى المؤمنين في هذا النداء الثالث من سورة البقرة ناداهم ليأمرهم بالأكل من الطيبات مما رزقهم من أنواع المطاعم والمشارب للحفاظ علي حياتهم. إذ البنية البشرية استمرار حياتها وصلاحيتها متوقف علي الغذاء والماء والهواء. فالأمر هنا على هذا دال على الوجوب، إلا أن قوله {مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} يشير إلى أنه لما حرم المشركون على أنفسهم أنواعا من اللحوم كلحم