لدمامتها، أو سوء خلقها فيضايقها ويؤذيها حتى تفتدى منه بمال، ثم يطلقها فقال تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} أي من مال، وهو المهر. هذا إن لم ترتكب الزوجة فاحشة الزنا، أو تترفع عن الزوج وتتكبر عليه وتبخسه حقه في الطاعة والمعاشرة بالمعروف، أما إن ارتكبت فاحشة واضحة بينة لا شك فيها ونشزت نشوزا، أو أعرضت عن الزوج إعراضا فإن للزوج أن يضايقها حتى تفادى نفسها منه بمثل المهر.
ثم وجه تعالى عباده المؤمنين إلى ما فيه خير الزوجين فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي على كل مؤمن أن يعاشر زوجته بالمعروف، وهو الإحسان إليها وعدم الإساءة إليها بقول أو فعل، إن كره المؤمن زوجته فليصبر عليها، ولا يطلقها فلعل الله تعالى يجعل في بقائها خيرا، كأن تنجب له ولدا ينفعه الله تعالى به، أو تذهب تلك الكراهة عن نفسه، ويصبح تحبها وتحبه يودها وتوده، وهذا المراد من قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} ، وصدق الله العظيم، وله الحمد والمنة على إرشاده وتوجيهه لعباده المؤمنين إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم، ويزيد هذا الإرشاد الرباني وضوحا قول الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضى منها آخر "، ومعنى يفرك: يبغض. إي لا يجوز للمؤمن أن يبغض امرأته، فإنه إن كره منها خلقا من أخلاقها فسيرضى منها خلقا آخر.
هذا وأذكر أيها القارئ الكريم أو المستمع المستفيد ما حملته هذه الآية من هدايات إلهية وهى:
1-إبطال قانون الجاهلية الذي كان يسمح لولد الزوج إذا مات والده أن يرث امرأة أبيه فيتزوجها، أو يزوجها، ويأخذ مهرها أو يسترد منها ما مهرها أبوه ويطلقها. وما أقبح هذه العادة الجاهلية، والحمد لله على نعمة الإسلام الذي دفع هذا الظلم وأبطل قانون الجاهلية الجائر الفاسد، وأبدله بقانون الرحمة الإلهية لعباد الله المؤمنين.
2-حرمة عضل الزوجة والتضييق عليها حتى تفدى نفسها بما أخذته من المهر أو أكثر إذ هذا الصنيع مظهر من مظاهر الظلم والاعتداء وفساد القلوب والأخلاق.
3-الإذن للمؤمن بان يأخذ فدية من امرأته إذا كرهته وأساءت إليه ولم تعاشره