نبيا ما قتل عمه وكثير من أصحابه، وجرح هو وكسرت رباعيته… ومنهم من قال: استكينوا لأبى سفيان وأصحابه واستأمنوهم، أي اطلبوا أمنكم منه؛ لأنهم الغالبون إلى غير هذا مما هو رغبة في العودة إلى الكفر بعد الإيمان، والعياذ بالله الرحمن.
وفى هذا نزلت الآية الكريمة وما بعدها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} . فدلت أولا على أن الذين نادوا بالعودة إلى دين الآباء، والاستكانة إلى قائد المشركين، وطلب الأمن منه، هم كفار في الباطن مؤمنون في الظاهر، وهم المنافقون ورؤساءهم كابن أبى وإخوانه.
وثانيا: أن طاعة الكافر والأخذ برأيه أو توجيهه وإرشاده تؤدى بمن أطاعه إلى الكفر حتما، ومن كفر بعد إيمانه فقد خسر خسرانا مبينا، وليس هذا خاصا بزمان دون زمان أو مكان دون مكان، بل طاعة الكافر تؤدى المطيع حتما إلى الكفر، _ إذ الكافر لا يأمر ولا يدعو ولا يهدى إلا إلى ما هو فيه وعليه. من الضلال والكفر، والخبث، والشر، والفساد.
وثالثا: أن الطاعة الواجبة وهى المنجية من الخسران في الدنيا والآخرة هي طاعة الله، ورسوله، وأولى الأمر من المؤمنين، لا طاعة الكافرين والمنافقين؛ لأن من طلب النصر على العدو فليطلبه من الله مولاه القوى القدير العزيز، الحكيم، العليم، الخبير، لا من عدوه وعدو مولاه، وهو الكافر الضال الحائر الهالك المتهالك، فهل مثل هذا يطلب منه النصر؟ ولنعد تلاوة الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ} . أي أطيعوه وأطلبوا النصر منه، فإنه ينصركم وهو خير الناصرين ألا فليعلم هذا عباد الله اليوم وليؤمنوا بالله وليتقوه فيصبحوا حقا عبيده، وهو مولاهم الحق الذي لا مولى لهم سواه، ويومئذ إن أصابهم خوف، أو حلت بهم هزيمة لمخالفتهم هدى ربهم ونبيه صلى الله عليه وسلم فليطلبوا النصر منه سبحانه وتعالى فإنه ينصرهم ولا يذلهم ولا يخزيه وهو مولاهم، وهم لا مولى لهم سواه.
ألا فليعلم هذا كل مؤمن ومؤمنة، وليطيعوا ربهم، ونبيهم وولى أمرهم منهم.. ولا يقبلوا طاعة غيرهم من أهل الكفر، والنفاق، والشرك، والجهل، من العرب أو