وأول أحكام الديون هو: كتابة الدين إذا كان مؤجلا لثلاثة أيام فأكثر ودل على هذا الحكم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} .
وثاني أحكامها: مشروعية بيع السلم إذ قوله إلى أجل مسمى دال عليه وبيع السلم هو أن يبيع العبد أخاه تمرا أو قمحا إلى أجل فيأخذ البائع الثمن. ويدفع السلعة عند حلول الأجل على شرط أن يكون السلم معلوم الكيل أو الوزن، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ".
وثالث الأحكام: أن يكتب الدين وإن على الكاتب أن يعدل فيما يكتب فلا يزيد ولا ينقص ولا يبدل ويغير لقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} .
ورابع الأحكام: أن من يحسن الكتابة إذا أحتيج إليه ليكتب بين متداينين وجب عليه أن يكتب لقوله تعالى: {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} أي شكرا لله تعالى على تعليمه الكتابة.
وخامس أحكام هذه الآية. أن الذي يملى على الكاتب هو الذي عليه الحق ليكون إملاؤه اعترافا بالحق وتقريرا له. لقوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} ، كما نهاه أن ينقص من الدين شيئا إذ قال تعالى: {وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً} .
وسادس أحكامها: إن كان الذي عليه الحق قاصرا لسفه أو خوف فليملل وليه بالعدل، أي بالقسط بلا زيادة في الدين ولا نقص منه.
وسابع الأحكام: الإشهاد على صك الكتابة ويشهد رجلان فإن تعذر وجود رجلين فرجل وامرأتان إذ قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} .
وثامن الأحكام: حرمة رفض الشهود الشهادة إذا دعوا إليها، وتوقف حق المرء على شهادتهما إذ قال تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} أي لآداء الشهادة.
وتاسع الأحكام: الحث على كتابة الدين قليلا كان أو كثير إذ قال الله تعالى: {وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ}