ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام أي ليرقى المنبر ويخطب الناس حضرت الملائكة يستمعون الذكر ".
وقوله تعالى: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} أي امشوا إلى أداء صلاة الجمعة بعد سماع الخطبة. وهذا المشى يسبقه أمور منها الغسل، ولبس الثياب الجديدة أو النظيفة الخاصة بها، ومنها مس الطيب ومنها السواك. وهذا الإمام أحمد رحمه الله يروى في مسنده الصحيح الحديث التالي. يقول صلى الله عليه وسلم: " من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب أهله، إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع ما بدا له، ولم يؤذ أحدا ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلى كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى ". وروى أصحاب السنن أن النبي (صلى الله عليه وسلم) على المنبر قال: " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته ".
وقوله تعالى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} أي اتركوا البيع والشراء إذ لفظ البيع يطلق على الشراء. ولهذا يحرم أي عقد يتم والإمام على المنبر يوم الجمعة. كما يحرم أي عمل كتجارة أو حياكة أو صناعة أو زراعة. أو طهى طعام وما إلى ذلك من سائر الأعمال وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي إن ترك الأعمال من بيع وشراء وغيرها من سائر الأعمال والذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة خير ثوابا وخير عاقبة في الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} أي أديت وفرغ منها {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} أي لقضاء حوائجكم كالبيع والشراء وسائر الأعمال المأذون فيها من المباحات. وقوله: {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} أي اطلبوا ما تحتاجون إليه من أمور دنياكم ومعاشكم فقد أذن الله تعالى لكم فيه بعد أن منعكم منه عند سماع النداء والإمام على المنبر وقال: {من فَضْلِ اللَّهِ} إذ كل رزق يحصل عليه العبد هو من عطاء الله وفضله، وما للعبد إلا إتيان الأسباب الموضوعة لذلك، فلذا لا يطلب المحرم سواء كان طعاما أو شرابا أو لباسا أو غيرها، إذ ذاك لم يأذن الله فيه فهو ليس من فضله تعالى، وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً} أي أثناء تفرقكم وانتشاركم في أعمالكم طلبا لفضل الله تعالى في هذه الحال اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم ولا تنسوه واذكروه ذكرا كثيرا، وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . أي اذكروا الله كثيرا