النداء التاسع والستون: في حرمة تقديم الرأي عن الكتاب والسنة ووجوب تقوى الله عز وجل

الآية (1) من سورة الحجرات

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .

الشرح:

لا تنس أيها القارئ الكريم لنداءات الرحمن الرحيم أن الله تبارك وتعالى ينادى المؤمنين بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمن حي بإيمانه يسمع ويفهم، وإذا أمر أطاع ففعل ما أمر به، وإذا نهى انتهى عن فعل ما نهى عنه. وإن حياته هذه سببها إيمانه بالله تعالى وبلقائه، واذكر أن لهذا النداء سببا نزل به وهو كما رواه البخاري رحمة الله تعالى عليه: أن وفدا من بنى تميم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضى الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر رضى الله عنه أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر لعمر ما أردت إلا خلافي: فقال عمر: ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ....} أي يا من أمنتم بالله ربا وإلها لا رب غيره ولا إله سواه، وبالإسلام شرعا ودينا لا يقبل شرع ولا دين سواه {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي قولا ولا عملا، ولا رأيا ولا فكرا بمعنى لا تقولوا ولا تعملوا إلا تبعا لما قال الله ورسوله، وشرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه من غير الأدب أن يقدم العبد رأيه، وما يراه على ما يراه ويقوله سيده ومما يوضح هذه الحقيقة ويجليها للأفهام قصة معاذ بن جبل رضى الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فإنه سأله قائلا: " بم تحكم يا معاذ؟ قال رضى الله عنه: بكتاب الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم فإن لم تجد أي في كتاب الله تعالى؟ قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن لم تجد أي في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال رضى الله عنه: اجتهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015