النداء الثامن: في بيان مبطلات ثواب الصدقة كالمن والأذى والرياء
الآية (264) من سورة البقرة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .
الشرح:
اذكر أيها القارئ الكريم ما سبق أن عرفته في سر نداء الله تعالى عباده المؤمنين بعنوان الأيمان ألا وهو أن المؤمن حي يسمع ويبصر، ويقدر على الفعل والترك، لأن الإيمان الصحيح وهو تصديق الله ورسوله في كل ما أخبر به من شأن الغيب والشهادة هي بمثابة الروح للجسم، فالجسم يتحرك ويقبل ما يراد به ما دامت الروح فيه، فإذا فارقته مات. اذكر هذا أيها القارئ أو السامع لتعي عن الله تعالى ما خاطبك به. وهو نهيه لك عن إبطال صدقاتك، وهو تعطيلها عن تزكية نفسك وتطهيرها؛ لأن الصدقة عبادة تزكى النفس إذا خلت من الموانع المبطلة لها. ومن الموانع للصدقة من تزكية نفس المؤمن المتصدق ما ذكر الله تعالى وهى:
1-المن وهو من كبائر الذنوب؛ لأن المنان أحد ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؛ لحديث مسلم: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل1 إزاره والمنان الذي لا يعطى شيئا إلا منه، والمنفق2 بالحلف الكاذب " وحقيقة المن أنه ذكر الصدقة وتعدادها على من تصدق بها عليه من المؤمنين على وجه التفضل عليه. والمنان