من أحكام إذ منها نزول آية الحجاب، والصلاة خلف المقام 1إلى غير هذا فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إي يا من آمنتم بالله ولقائه وكتابه ورسوله {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} ، ومعنى هذا الأمر أن عليكم أيها المؤمنون أن تعلموا أطفالكم وخدمكم الاستئذان عليكم في ثلاث أوقات وأمروهم بذلك. والأوقات الثلاث هي التي في قوله تعالى: {ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ} وهى ساعات النوم من الليل، {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} وهى ساعات القيلولة، {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} وهى بداية النوم في الليل.
وقوله تعالى: {ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} أي هي مظنة انكشاف العورة فيها فأطلق عليها اسم العورة، والعورة هي ما يستحى من كشفه. وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} أي ليس عليكم أيها الأباء والسادة، ولا عليهم يريد الأبناء الصغار والخدم جناح أي إثم وحرج وتضييق. وقوله تعالى: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي يدخلون ويخرجون عليكم للحاجة إليكم وللخدمة لكم فبعضكم يدخل على بعض حيث لا غنى لكم عن بعضكم بعضا فلذا رفع الله تعالى عليكم الحرج في الخول بدون استئذان في غير الأوقات الثلاثة التي لابد من الاستئذان فيها. وقوله تعالى في ختام الآية الأولى من هذا النداء: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ} أي كهذا التبيين، الذي يبين لكم فيه حكم الاستئذان، يبين الله لكم الآيات المتضمنة للشرائع والأحكام والآداب إذ هو تعالى عليم بخلقه وما يحتاجون إليه في إكمالهم وإسعادهم حكيم فيما يشرع لهم ويفرض عليهم. وهذا ما دل عليه قوله في ختام الآية {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وحقا هو عليم حكيم سبحانه لا إله إلا هو ولا رب سواه.
أما الآية الثانية في هذا النداء وهى قوله تعالى: {َإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} أي سن الاحتلام وهى في الذكور تجاوز الخامسة عشر من العمر، أو إنبات الشعر؛ شعر العانة، أو الاحتلام بأن يفرز الغلام المنى في نومه لرؤية يراها. واما البنت فبالحيض وإنبات شعر العانة أو بلوغ الخامسة عشر من عمرها، والغالب أن البنت تبلغ سن الاحتلام في الثانية عشر فما فوق، كما أن الذكر قد يتأخر بلوغه إلى الثامنة عشرة