من الشيطان الرجيم} ، وليواصل ذلك حتى يفر منه ويهرب من ساحته. كان هذا في بيان النهى عن اتباع خطوات الشيطان، وبيان حال المتبع له والعياذ بالله.
أما ما تضمنه هذا النداء في امتنان الرب تبارك وتعالى على عباده المؤمنين بوقايتهم من الشيطان، وقد قال تعالى فيه بقوله الحق: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً} أي إنه لولا فضل الله عليكم أيها المؤمنون الصادقون ورحمته بكم وحفظه لكم بدفع الشيطان عنكم، ما كان ليطهر منكم أحد، وذلك لضعف الإنسان واستعداده الفطري للاستجابة لعدوه وعدو أبيه من قبل، وهو الشيطان عليه لعائن الرحمن إذا فعلى الذين شعروا بكمالهم؛ لأنهم نجوا مما وقع فيه غيرهم من الإثم يستغفروا لإخوانهم الذين تورطوا وان يقللوا من لومهم وعتابهم فإنه لولا فضله تعالى عليهم ورحمته بهم لوقعوا فيما وقع فيه إخوانهم. ألا فليحمدوا الله عز وجل الذي نجاهم مما وقع فيه إخوانهم. وليتطامنوا تواضعا لله وشكرا له. إن هذه الآيات نزلت في حادثة الإفك التي تولى كبرها رئيس المنافقين ابن أبى عليه لعائن الله.
وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، وعليه فيلجأ إليه المؤمنين طالبين تزكية نفوسهم منه سبحانه وتعالى؛ إذ هو الذي يزكى من يشاء، إلا أنه حسب سنته في خلقه لا يزكى إلا من طلب ذلك منه، فمن طلب في صدق زكاة نفسه، فإن الله تعالى لا يخيبه ويزكى نفسه، ومادام تعالى سميعا لأقوال عباده عليما بنيانهم وأفعالهم فليفزع إليه المؤمن الراغب في زكاة نفسه. فليذكره، وليشكره، بفعل الصالحات، والبعد عن الطالحات من الذنوب والآثام، وبذلك يصبح أهلا لزكاة نفسه فتزكو نفسه وتطيب، والفضل لله والمنة لله سبحانه وتعالى، إذ لولاه ما زكى ممن تورطوا في حادثة الإفك، وممن سلم منها ولم يشارك فيها من أولئك الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم، ومن عجيب أحداث الكون أن الروافض جلهم متورطون في تلك الفتنة إلى اليوم؛ إذ هم مصرون على اتهام أم المؤمنين بها، وقد برأها الله عز وجل في كتابه وبشرها بالجنة بقوله تعالى: {أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} مع العلم أن من يكذب الله عز وجل يكفر كفرا يخرجه من الإسلام فسبحان الله كيف يرضى المؤمن بالكفر، ولا لشيء سوى التقليد العمى لأئمته واتباع هواه. والعياذ بالله.
وأخيرا إليك أيها القارئ خلاصة طيبة نفعك الله وإياي بها آمين وهى: