النداء الثالث الخمسون: في وجوب الخروج إلى الجهاد إذا دعا الإمام إلى ذلك وهو ما يعرف بالتعبئة العامة، وحرمة القعود عنه

الآيتان 38 _ 39 من سورة التوبة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

الشرح:

اعلم أيها القارئ والمستمع أن هذا النداء وجه يوم نزل إلى المؤمنين بالمدينة النبوية وذلك يوم بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن هرقل ملك الروم قد جمع جموعه لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعبئة العامة، وكان الزمن صيفا حارا، وبالبلاد جدب وقحط ومجاعة، وكان ذلك في شوال من سنة تسع من الهجرة لذا سميت هذه الغزوة بغزوة العسرة، فاستحث الرب تبارك وتعالى المؤمنين ليخرجوا مع نبيهم صلى الله عليه وسلم لقتال أعدائه الذين عزموا على غزوه في عقر داره فأنزل الله تعالى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي أخرجوا للجهاد في سبيل الله، والقائل رسول الله صلى الله عليه وسلم {اثَّاقَلْتُمْ} أي تباطأتم كأنكم تحملون أثقالا. لا تريدون الخروج راضين ببقائكم في دوركم وبين أزواجكم وأولادكم. {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} . وهذا إنكار منه الله تعالى على من كانت هذه حالته منهم، وهو عدد قليل وليس بكثير إذ أكثر المؤمنين نفروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن من تباطأ أولا خرج ثانيا، إلا من تخلف بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم.ثم قال لهم عز من قائل {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} . فكيف تؤثرون الحياة الدنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015