النداء الرابع والأربعون: في حرمة الفرار من صفوف القتال في سبيل الله وأنه من الكبائر الموجبة لغضب الله وعذابه

الآيتان (15 _ 16) من سورة الأنفال

أعوذ بالله الشيطان الرجيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

الشرح:

اعلم أيها القارئ الكريم أن المؤمن كما عرفت حي بإيمانه قوى بولاية ربه له، لذا نادى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين قائلا لهم: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً} أي زاحفين إليهم لتقاتلوهم في سبيل الله {فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} أي لا تنهزموا أمامهم فتتولوا هاربين مولينهم أدباركم وهذا عيب كبير، ومعرة لا ينبغي للمؤمن ولى الله عز وجل أن يتصف بها والنهى هنا للتحريم ليربى الله أولياءه على الإقدام والشجاعة حتى لا يضعفوا عن قتال المشركين الكافرين ولما كان الفرار من العدو له أثار سيئة لاسيما عند المواجهة والزحف ومن تلك الآثار السيئة انتصار العدو الكافر على المؤمنين ومنه إصابة المؤمنين المقاتلين بالجروح والقتل ومنها استيلاء العدو على معدات المسلمين من سلح وغيره ومنها وقف الدعوة الإسلامية وعدم انتشارها وانتصارها لهذه ولغيرها كان التولى يوم الزحف كبيرة من كبائر الذنوب ويكفى من كونها كبيرة قوله تعالى في الآية الكريمة: {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} وفى الحديث الصحيح أن التولى يوم الزحف من الموبقات أي المهلكات ففي الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " اجتنوا السبع الموبقات. قيل يا رسول الله وما هي؟ قال: الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015