وحقوق، هذا في الحضر أما إذا كان أحدكم مسافرا وحضره الموت، ولم يكن معه في سفره مسلم، وإنما معه كفار فقط فلشهد الكافر للضرورة. وإن حصل ريب وشك في صحة ما شهدا به المؤمنان أو الكافران فأحبسوهما أو أوقفوهما بعد صلاة العصر فيقسمان لكم بالله، فيقولان في قسمهما والله: لا نشترى بإيماننا ثمنا قليلا ولا نكتم شهادة الله لأنا نكون حينئذ من الآثمين ونحن لا نرضى الإثم لأنفسنا، هذا إن حصل لكم ريب وشك في شهادتهما سواء كانت الشهادة في الحضر أو السفر إلا أنها في السفر أقرب لحصول الريب والشك في صحة شهادة الشهود وإن وجد عند الشاهدين اللذين شهدا وحلفا على شهادتهما إن وجد عندهما خيانة وكذب بما ظهر من آثار ذلك فليحلف منكم آخران يردان شهادة وحلف الأولين كما قال تعالى: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ} أي الأحقان بالشهادة فيحلفان قائلين لشهادتنا أحق من شهادتهما أي لإيماننا أصدق وأصح من إيمانهما، وما اعتدينا أي عليهما باتهام باطل وكذب مفترى، لأنا لو فعلنا ذلك لكنا من الظالمين، إذ فال تعالى عنهما: {وَمَا اعْتَدَيْنَا} أي في إيماننا إنا إذا من الظالمين.
والثانية: قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي ما شرعه تعالى لكم من الإشهاد والإيمان على الشهادة، وقيام شاهدين لرد شهادة المرتاب فيهما لا سيما إذا ظهرت علامة عدم صدقهما أقرب أن يصدق الشهود في شهادتهما وفى إيمانهم.
والثالثة: قوله تعالى: {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي وأقرب أيضا إلى أن يخاف الشهود أن ترد أيمانهم إذا هم حلفوا، فهم لذلك لا يكذبون خوف الفضيحة أن تلحقهم.
والرابعة: قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي خافوه أيها المؤمنون، فلا تخرجوا عن طاعته بترك أوامره أو بغشيان معاصيه {وَاسْمَعُوا} أي ما تؤمرون به واستجيبوا لله فيه. ومن ذلك قبول هذا التوجيه الإلهي في وجوب الإشهاد على الوصية عند الوفاة وجواز إشهاد غير المسلم في حالة انعدام وجود المسلم كما في السفر. ثم إن حصل ريب وشك في الشهادة فليقم اثنان ذو عدل منكم ويردان الشهادة بإيمان… وإن حصل أيضا بعد الإشهاد والحلف ظهور علامة خيانة وكذب في الشهادة فليقم آخران يردان الشهادة ويعطيان الحق المطلوب.