والنهى عن المنكر صفة لازمة من صفات المؤمنين الصادقين في إيمانهم والمؤمنات الصادقات.
ولنقرأ قوله تعالى في سورة التوبة في وصف المؤمنين بحق والمؤمنات بصدق؛ إذ قال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فلنذكر قوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فهل من الولاية الواجبة التي هي الحب والنصرة أن يرى المؤمن أخاه تاركا معروفا يعاقب على تركه، ولا يأمره به أو يرى أخاه ووليه منغمسا في منكر يخبث نفسه، ويسخط الله تعالى عليه ويتركه؟ والجواب لا، لا، ليس هذا من الولاية بل هو من العداوة هذا أولا.
وثانيا: أليس من صفات المؤمنين والمؤمنات أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟ والجواب بلى، وكيف والله يقول في صفاته: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} والرسول يقول: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " وأمر أخر وهو عظيم وخطير وذلك أننا إذا تركنا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا نتمكن من الهداية ولا نظفر بها أبدا، إذ الدار، أو المجتمع، إذا ظهر بينهم ترك المعروف وارتكاب المنكر لا يلبثون إلا قليلا، وقد عمهم الفساد فتركوا طاعة الله وطاعة رسوله وخبثوا وساءت أخلاقهم وفسدت أحوالهم، وعمهم العذاب والعياذ بالله تعالى. وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرر هذه الحقيقة فيقول: " إن الناس رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقابه " ولنصغ للترمذى يحدثنا بما يلي: …. عن ابن أمية الشعبانى قال: أتيت أبا ثعلبة الخشنى فقلت له كيف تصنع بهذه الآية؟ قال: أية آية؟ قلت: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} قال: أما والله لقد سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا،