وبهذا فرق بين الصلاة، والحج فقال: "وأمر بالصلاة، وسنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألا تقضي الحائض، ولا يقضي عنها ما تركت من الصلاة، وقال عوام المفتين: ولا المغلوب على عقله، ولم يجعلوا في ترك الصلاة كفارة، ولم يذكر في ذلك كتاب ولا سُنة عن صلاة كفارة من صدقة، ولا أن يقوم به أحد عن أحد، وكان عمل كل امريء لنفسه، وكان الصوم والصلاة عمل المرء لنفسه لا يعمله غيره، وكان يعمل الحج عن الرجل اتباعًا للسنة وبخلافه الصوم والصّلاة" (?) . ثم ذكر فرقًا آخر بين الحجّ والصوم والصلاة، وهو أنَّ الحجّ "فيه نفقة من المال، وليس ذلك في الصوم والصّلاة" (?) .
ومع هذا الفرق الذي ذكره الشافعي إلا أنَّ النصوص الدالَّة على جواز النيابة في الصوم لا تزال قائمة تلزمه بأن يقول بمقتضاها، لكنَّه لا يرى صحتها، وقد بيَّن ضعفها في أكثر من موضع في كتبه، قال الشافعي: "فإن قيل: أفروي عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه أمر أحدًا أن يصوم عن أحد؟ قيل: نعم.
روى ابن عباس رضي الله عنهما وعن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فإن قيل: لِمَ لم تأخذ به؟
قيل: حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن عباس - رضي الله عنهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "نذر نذرًا"، ولم يسمّه مع حفظ الزهري، وطول مجالسة عبيد الله لابن عباس.
فلما جاء غيره عن رجل عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بغير ما في حديثه أشبه ألا يكون محفوظا. فإن قيل: أتعرف الذي جاء بهذا الحديث يغلط عن