"لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" نصّ في أنّ مراد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الليل، لقوله: "يبيت"، والتبييت فعل الأمر في البيات وهو الليل.
ومما يوضح هذا الأمر رواية ابن عمر الموقوفة عليه "لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر"، وقالت عائشة مثل ذلك.
وقالت حفصة: "لا صيام لمن لم يجمع قبل الفجر". فنص الحديث المرفوع، والأحاديث الموقوفة صريحة في إيجاب إيقاع النيَّة في الليل، وهذا التأويل الذي ذكروه لا وجه له، بل هو تمحل من قائله لنصرة المذهب، وهذا لا يجوز لهم.
5- قالوا أيضاً: الحديث محمول على نفي الفضيلة أو الكمال: كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (?) .
وجوابنا أنَّ هذا الحديث ضعيف (?) ، ولو ثبت لما صحت صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، ونظيره الصحيح قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (?) ، فنفي الشيء كالصلاة والصوم لعدم وجود شيء يدل على وجوبه لا استحبابه.
ثانياً: احتجّ الموجبون للنيّه في الليل على أبي حنيفة وأصحاب بالقياس، فقاسوا صوم رمضان على القضاء والكفارة، بجامع الفرضية والوجوب في كل، وفرّق الأحناف بين صوم الكفارة والقضاء وصوم رمضان بأن الوقت في رمضان متعينّ لصومه، أما في القضاء والكفارة فالوقت غير متعين لهما شرعاً؛ لأن خارج رمضان متعين للنفل، فلا يكون لغيره إلا بتعيينه، فإذا لم ينو من الليل صوماً آخر بقي الوقت متعيناً للتطوع فلا يملك تغييره (?) .
فمناط التفرقة عندهم بين صوم القضاء والكفارة وصوم رمضان هو أن الوقت غير