واحتج الشافعي ومالك بهذا الحديث على أن للمولى أن يقيم الحد على مملوكه، وهو قول الثوري والأوزاعي، وقد ذكرناه.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يقيم الحد على أحد إلا الإمام.

والجواب عن هذا الحديث أنه ضعيف؛ لأن فيه عبد الأعلى الثعلبي وهو لا يحتج به.

فإن قيل: أخرج مسلم في "صحيحه" (?): من حديث أبى عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب قال: "خطب علي - رضي الله عنه - فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحد، من أحصن منهم ومن لم يحصن؛ فإن أمة لرسول الله -عليه السلام- زنت فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك لرسول الله -عليه السلام- فقال: أحسنت".

وأخرجه الترمذي (?).

قلت: هذا حجة لنا لا علينا؛ لأن عليًّا - رضي الله عنه - يخبر أن رسول الله -عليه السلام- أمره أن يقيم الحد على تلك الأمة التي زنت فكان الحد بأمر الإمام، وأما قول علي - رضي الله عنه -: "أقيموا على أرقائكم الحد"، فمعناه كمعنى قوله -عز وجل-: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (?)، وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (?) ومعلوم أن المراد رفعه إلى الإمام لإقامة الحد، فالمخاطبون بإقامة الحد الأئمة، وسائر الناس مخاطبون برفعهم إليهم حتى يقيموا عليهم الحدود، وكذا معنى قوله -عليه السلام- في الحديث الذي رواه أبو جميلة، عن علي، عن النبي -عليه السلام-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015