قوله: "وبعث معهم قائفًا" وهو الذي يتتبع الآثار ويعرفها، من قَافَ يَقُوفُ قِيَافةً.
ويستفاد منه أحكام:
الأول: أن قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (?) الآية، نزلت في هؤلاء الذين ساقوا ذَوْد النبي -عليه السلام- وقتلوا راعيه، على ما نص عليه أنس بن مالك - رضي الله عنه - في روايته، وذكر بعضهم عن أنس أنه قال: "إن خبر العرنيين كان سبب نزول الآية".
وروى الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس: "أنها نزلت في أصحاب أبي بردة الأسلمي، وكان موادعًا للنبي -عليه السلام-، فقطعوا الطريق على قوم جاءوا يريدون الإِسلام، فنزل ذلك فيهم".
وروى عكرمة عن ابن عباس: "أنها نزلت في المشركين" فلم يذكر مثل قصة العرنيين.
وروي عن ابن عمر: "أنها نزلت في العرنيين" ولم يذكر ردةً.
وقال الحسن البصري: "نزلت في الكفار دون المسلمين؛ وذلك أن المسلم لا يحارب الله ورسوله".
قال الخطابي: وقال أكثر العلماء: إنها نزلت في أهل الإِسلام، والدليل على ذلك {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (?) والإِسلام عن الكفر يحقن الدم قبل القدرة وبعدها، فَعُلِمَ أن المراد بها المسلمون.
فأما قوله سبحانه وتعالى: {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (1) فمعناه: يحاربون المسلمين الذين هم حزب الله وحزب رسوله، وأضيف ذلك إلى الله وإلى رسوله كما في قوله -عليه السلام-: "من آذى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة".