اعطوها. هذا وجه يحتمله هذا الحديث. وليس لأحد إذا كان حديث مثل هذا يحتمل وجهين متكافئين أن يعطفه على أحدهما دون الآخر إلا بدليل من غيره يدل أن معناه ما عطفه عليه.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إذا كان ولي المقتول ليس له أن يأخذ الديَّة. إلا برضا، فما كانت حاجتهم إلى ذكره -عليه السلام-. بقوله: "أو يأخذ الدية".
وتقرير الجواب أن يقال: إن أخذ الدية من القاتل كان حرامًا على بني إسرائيل، ولم يكن لهم إلا سفك الدم، وهو القصاص، فخفف الله تعالى على هذه الأمة فأنزل قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ. . . .} (?) الآية، وأطلق لهم أخذ الدية، ونسخ ذلك الحكم تخفيفًا ورحمة، ثم بين لهم رسول الله -عليه السلام- على هذه الجهة فقال: "من قتل له قتيلٌ فوليه بالخيار؛ إن شاء اقتص، وإن شاء عفى، وإن شاء أخذ الدية التي أبيحت لهم، وجعل لهم أخذها إذا أعطوها"، فأخبر ابن عباس أن الآية كانت ناسخة لما كان على بني إسرائيل من حظر قبول الدية، وأباح للولي قبولها إذا بذلها القاتل تخفيفًا من الله علينا ورحمة بنا، فلو كان الأمر على ما ادعاه أهل المقالة الأولى من إيجاب التخيير لما قال ابن عباس: فالعفو أن يقبل الدية؛ لأن القبول لا يطلق إلا فيما بذل له من غيره، ولو لم يكن أراد بذلك لقال: إذا اختار الولي؛ فثبت بذلك أن المعنى عنده جواز تراضيهما على أخذ الدية.
ثم إسناد حديث ابن عباس صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح، عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه البخاري (?): ثنا قتيبة بن سعيد: نا سفيان، عن عمرو، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: "كان في بني إسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الدية، فقال الله