ومن طريق ابن الجهم: نا أحمد بن محمَّد بن المؤمل خالي، نا علي بن المديني، نا ابن أبي زائدة، عن إسحاق بن فائد: "سئل محمَّد بن علي بن الحسن بن علي: مَن جار الرجل؟ قال: من يصلي معه صلاة الغداة".
ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن هذا الأثر إنما فيه: أن رسول الله -عليه السلام- قال: "الشفعة في كل شرك، بأرض، أو ربع، أو حائط" ولم يقل: إن الشفعة لا تكون إلا في كل شرك، فلو قال ذلك نفى أن الشفعة واجبة بغير الشرك، ولكنه إنما أخبر في هذا الحديث أنها واجبة في كل شرك، ولم ينف أن تكون واجبة في غيره، وقد جاء عن جابر بن عبد الله عن النبي -عليه السلام- ما قد زاد على معنى هذا الحديث:
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "الجار أحق بشفعة جاره، فإن كان غائبًا انتظر، إذا كان طريقهما واحدًا".
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا عبد الملك، قال: ثنا عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله.
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إسماعيل بن سالم، قال: ثنا هشيم، قال: أنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، عن النبي -عليه السلام-، مثله.
ففي هذا الحديث إيجاب الشفعة في المبيع الذي لا شرك فيه بالشرك في الطريق، فلا يُجعل واحد من هذين الحديثين مضادًّا للحديث الآخر، ولكن يثبتان جميعًا، ويعمل بهما، فيكون حديث أبي الزبير فيه إخبار عن حكم الشفعة للشريك في الذي بيع منه ما بيع، وحديث عطاء فيه إخبار عن حكم الشفعة في المبيع الذي لا شركة لأحد فيه بالطريق.
ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه: أن هذا الأثر -أي الحديث- الذي ذكر في هذا الباب الذي رواه أبو الزبير عن جابر إنما