القصد إليها من أحدهما وامتنع الآخر أشد الامتناع؛ لأن في ذلك يكون قطعًا محضًا لصلة الرحم، وهو حرام، وترك الحرام فرض، وصلة الرحم وإن كانت تحصل بدون الرؤية، ولكن لا تقع على ما ينبغي إلا بالتزاور، والتزاور لا يكون إلا بالرؤية، فافهم.
ص: فإن قيل: فما معنى قوله الذي وصله بهذا: "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
قيل له: ذلك على التعليم منه لِسَعْد - رضي الله عنه - أي أنت تدعي لأخيك، وأخوك لم يكن له فراش، وإنما يثبت النسب منه لو كان له فراش، فإذا لم يكن له فراش فهو عاهر، وللعاهر الحجر.
ش: تقرير السؤال أن يقال: لما وقع التنازع في ابن وليدة زمعة بين سَعْد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة، ولم يحكم النبي -عليه السلام- فيه بشيء غير اليد التي جعلها لعبد ولسائر ورثة زمعة، ما كان فائدة قوله -عليه السلام-: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" متصلًا بقوله: "هو لك يا عبد بن زمعة".
وأجاب عن ذلك بقوله: "قيل له ذلك. . . ." إلى آخره، وهو ظاهر.
ص: وقد ثَبَّت هذا المعنى وكشفه: ما حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، قال: ثنا محمد بن قدامة، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: "كانت لزمعة جارية يطأها، وكان يظنُّ برجل آخر أنه يقع عليها، فمات زمعة وهي حبلى، فولدت غلامًا كان يشبه الرجل الذي كان يظن بها، فذكرته سودة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أما الميراث فله، وأما أنت فاحتجبي منه، فإنه ليس لك بأخٍ".
ففي هذا الحديث أن زمعة كان يطأ تلك الأَمَة، وأن رسول الله -عليه السلام- قال لسودة: "ليس هو لك باخٍ" يعني ابن الموطوءة، فدلَّ هذا أن رسول الله -عليه السلام- لم يكن قضى في نسبه على زمعة بشيء، وأن وطئ زمعة لم يكن عنده بموجب أن ما جاءت به تلك الموطوءة من ولدٍ، منه.