هكذا لم يذكر متنه ولا لفظه، ثم هو منقطع , لأن قتادة لم يسمعه من بَشير بن نَهيك إنما سمعه من النضر بن أنس، عن بَشير بن نَهيك، عن أبي هريرة، هكذا رويناه من طريق شعبة وسعيد بن أبي عروبة والدستوائي كلهم عن قتادة، مثل قولنا.
ثم لو صحت هذه الآثار لكانت مخالفة لقول مالك والشافعي؛ لأن في جميعها الفرق بين الموت والحياة، والشافعي لا يفرق بينهما، وفي جميعها الفرق بين أن يكون قبض من الثمن شيئًا وبين أن لا يكون قبض، ومالك لا يفرق بينهما؛ فحصل قولهما مخالفًا لكل الآثار.
ص: فكان من الحجة عليهم: أن هذا الحديث منقطع لا يقوم بمثله حجة، فإن قالوا: إنما قبلناه وإن كان منقطعًا؛ لأنه بين ما أشكل في الحديث المتصل.
قيل لهم: قد كان ينبغي لكم لما اضطرب حديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا فرواه عنه الزهري كما ذكرنا آخرًا، ورواه عنه عمر بن عبد العزيز على ما وصفنا أولًا، أن ترجعوا إلى حديث غيره وهو بَشير بن نَهيك فتجعلونه أصل حديث أبي هريرة، وتسقطون ما خالفه، فإذا فعلتم ذلك عادت الحجة الأولى عليكم، وإن لم تفعلوا ذلك كان لخصمكم أيضًا أن يقول: هذا الحديث الذي رواه الزهري عن أبي بكر ففرق فيه بين حكم التفليس والموت هو غير الحديث الأول، فيكون الحديث الأول عنده مستعملًا من حيث تأوله ويكون هذا الحديث الثاني حديثًا منقطعًا شاذًّا لا تقوم بمثله حجة، فيجب لذلك ترك استعماله، فهذا الذي ذكرنا هو وجه الكلام في الآثار المروية في هذا الباب.
ش: أي: فكان من الدليل والبرهان على أهل المقالة الأولى، وأراد بها الجواب عما قالوه من قولهم: "فقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه. . . ." إلى آخره، وهو ظاهر.
وقد ذكرنا ما قاله ابن حزم آنفًا.