ذلك أيضًا بين المحصن وغير المحصن، ثم جعل الله لهن سبيلًا، فقال رسول الله -عليه السلام-: "خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلًا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" ففرق حينئذ بين حد المحصن وحد غير المحصن، فجعل حد المحصن الرجم، وحد غير المحصن الجلد.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم قد استدللتم فيما ذهبتم إليه من وجوب الحكم على الإِمام بين أهل الذمة وإن لم يُحَكِّموه بحديثي جابر والبراء - رضي الله عنهما - وحديثاهما عام في المحصن وغير المحصن، ثم تركتم بعض ما فيه، حيث قلتم: إن اليهود إذا زنوا لا يرجمون، وشرطتم في وجوب الرجم الإِسلام، وجعلتموه من جملة شروط الإحصان.
فأجاب عنه بقوله: "قيل له. . . ." إلى آخره، وهو ظاهر، ولكنا نتكلم في الآية الكريمة فنقول: لم يختلف السلف في حد الزانِيَيْن في أول الإِسلام ما قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (?) إلى قوله: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} (?) فكان حد المرأة الحبس والأذي بالتعيير، وكان حد الرجل التعيير، ثم نسخ ذلك عن غير المحصن بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (?) ونسخ عن المحصن بالرجم، وذلك لأن في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي -عليه السلام-: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا: البكر بالبكر. . . . الحديث". وكان ذلك عقيب الحبس والأذى المذكورين في قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (1).
وقال الجصاص ما ملخصه: إن كون حد الزانيين في أول الإِسلام الحبس والأذى وكون المحصن وغير المحصن فيه سواء، دليل على أنه -عليه السلام- رجم اليهوديين بحكم