قوله: "ويُلَدُّ" من الإلداد، وقد لُدَّ الرجل فهو ملدود وألددته أنا، واللديدان: جانبا الوادي. قاله الأصمعي، وفيه؛ أحد اللدود، وهو ما يُصَبُّ من الأدوية في أحد شقي الفم، وتجمع علي ألدة، وقال ابن الأثير: لديدا الفم: جانباه، واللدود -بفتح اللام- من الأدوية: ما يسقاه المريض في أحد شقي الفم.

ويستنبط منه أحكام:

فيه: جواز التداوي بالأدوية، وأنه لا ينافي التوكل؛ ردًّا على بعض المتصوفة.

وفيه: كراهة دَغَر العذرة.

وفيه: بيان فضيلة العود الهندي وأنه ينفع من أدواء كثيرة كما ذكرنا.

وفيه: بيان معالجة العذرة بالإسعاط، وذات الجنب بالإلداد.

وفيه: جواز التطبب، والإخبار عن طبائع الأدوية ومنافعها ومضارها عند العلم.

وفيه: أنه -عليه السلام- كان عالمًا بعلم الطب أيضًا وبمنافع الأدوية؛ وإن كان مبعوثًا بعلم الدين فإنه -عليه السلام- كان كاملًا في كل شيء.

وفيه: أن كل منفعة أخبر بها النبي -عليه السلام- من الأدوية فهي كذلك من غير ريب، بخلاف كلام سائر الأطباء؛ فإن كلامهم على الظن والتجربة، فخطأهم في ذلك أكثر من صوابهم.

وفيه: أن من أنكر ما قاله -عليه السلام- من منفعة دواء من الأدوية أو قال: بخلاف ذلك فقد كفر؛ نعوذ بالله من ذلك.

ص: وقد روي في ذلك أيضًا ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زَحْر، عن بكر بن سوادة، عن رجل من صداء قال: "أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنى عشر رجلًا، فبايعنا وترك رجلًا منا لم يبايعه، فقلنا: بايعه يا نبي الله، فقال: لن أبايعه حتى ينزع الذي عليه، إنه مَن كان منَّا عليه مثل الذي عليه كان مشركًا ما كانت عليه، فنظرنا فإذا في عضه سير من لحاء شجرة، أو شيء من الشجرة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015