فلبسها فعجب الناس منها، فقال: والذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذه".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: "خرج علينا رسول الله -عليه السلام- ذات يوم وعليه فرُّوج حرير، فصلى فيه ثم انصرف فنزعه، وقال: لا ينبغي لباس هذه للمتقين".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب. . . . فذكر بإسناد مثله.
حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة أنه قال: "أهدي إلى رسول الله -عليه السلام- فروج حرير، فلبسه. . . ." ثم ذكر مثله.
فدلت هذه الآثار أن لبس الحرير كان مباحًا، وأن النهي عن لبسه كان بعد إباحته، فعلمنا أن ما جاء في النهي عن لبسه هو الناسخ لما جاء في إباحة لبسه، وهذا أيضًا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وأكثر العلماء - رضي الله عنهم -.
ش: أراد بهذه الآثار الأحاديث التي رواها عن الصحابة المذكورين، وهم خمسة عشر نفرًا كما ذكرنا، ولا شك أن في هذه الأحاديث النهي عن لبس الحرير، ولكن يحتمل أن تكون هذه ناسخة لما فيه الإباحة للبس الحرير، ويحتمل أن يكون ما فيه الإباحة ناسخًا لهذه الأحاديث، فلما نظرنا في هذا الباب لنعلم الناسخ من المنسوخ؛ وجدنا أحاديث أخرى دلت على أن الأحاديث التي فيها النهي عن لبسه هي الناسخة للأحاديث التي فيها الإباحة وهي حديث أنس وعقبة بن عامر - رضي الله عنهما -.
أما حديث أنس؛ فأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن محمد بن عبد الرحمن العلاف العنبري البصري، عن محمد بن سواء بن عنبر السدوسي العنبري أبي الخطاب البصري المكفوف، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه -.